تَذُمُّ الآيةُ المنافقين " لأَنَّهم يَحْرِصونَ على إرضاءِ المسلمين، فيحْلفونَ
لهم الأَيْمانَ يَتَبَرَّؤُوُنَ فيها من أَقوالٍ قالوها، وهم يَكْذِبونَ في تلك الأَيْمان،
فترشدُهم الآيةُ إِلى أَنه كانَ الأَوْلى بهم أَن يَحْرِصوا على إِرضاءِ اللهِ ورسولِه.
لفظُ الجلالةِ (اللَّهُ) مبتدأ. و (رَسُولُهُ) معطوفٌ عليه مرفوع.
وأَفعلُ التفضيل: (أَحَقُّ) خبرٌ مرفوع.
والمفَضلُ عليه محذوف، والتقديرُ: منكم.
أيْ: اللهُ ورسولُه أَحَقُّ منكم أَنْ يُرْضوهُما.
والمصدرُ المؤَوَّلُ من (أَنْ يُرْضُوهُ)
في مَحَلِّ رَفْعِ بَدَلٍ من المبتدأ والمعطوفِ عليه.
والتقديرُ: إِرضاءُ اللهِ ورسولِه أَحَقُّ من إِرْضائِكم!.
ويُخَطِّئُ الفادي الآيَةَ لأَنَّ الضميرَ المفْرَدَ " الهاء " في (يُرْضُوهُ) عادَ على
الاثنَيْن: اللهُ ورسولُه.
والأَوْلى عندَه أَنْ يَجيءَ الضميرُ مُثَنّى: " أَنْ يُرْضوهُما ".
أَيْ: اللهُ ورسولُه أَحَقُّ أَنْ يُرْضوهُما.
وكلامُه مَرْدود، وهو دَليلُ جَهْلِه بقواعِدِ اللغةِ العربية، وأَساليبِ البيانِ
فيها.
فالهاءُ في (يُرْضُوهُ) لا يعود على (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ) معاً، وإِنما يَعودُ على
لفظِ الجلالةِ (اللَّهُ) أَوَّلاً، لأَنَّه أَوَّلُ المذكورَيْن، ثم يَعودُ على (ورَسُولُه) بعدَ
ذلك..
على أَنَّ العَطْفَ في (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ) ليسَ من عَطْفِ
الكلمات، وإِنما من عَطْفِ الجُمَل! وهذا هو الأَرْوَع والأَبْلَغ!.
إِنَّ جملةَ (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) جُملَتان في الحقيقة، والتقدير:
اللهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضوهُ، ورسولُه أَحَقُّ أَنْ يُرْضوهُ.
ولذلك عَبَّر بالضميرِ المفرد (يُرْضُوهُ) ليعودَ على كُلِّ جملةٍ على حِدَة!!.
وهناكَ حِكْمَةٌ أُخْرى للتعبيرِ بالضميرِ المفرد (يُرْضُوهُ) ، وهي الإِشارَةُ إِلى
التفرقةِ بين الإِرضاءَيْن: إِرضاء اللهِ وإِرضاء رسولِه! فإِرضاءُ اللهِ هو الأَساس، وإِرضاءُ الرسولِ متفرِّعٌ عنه وتابعٌ له.
ومن غيرِ المناسبِ التعبيرُ بالضميرِ المثَنْى، العائد على اللهِ ورسولِه، لأَنه