وفَهِمَ الجاهلُ من الآيةِ اجتماعَ فاعِلَيْن لفعْلِ " أَسَرَّ "، وهما واوُ

الجماعة، واسْمُ الموصولِ (الَّذِينَ) .

واقترحَ على القرآنِ حَذْفَ الواوِ من (أَسَرُّوا) ، والاكتفاءَ باسمِ الموصولِ فاعلاً!.

بدايةً نَقولُ: لا يجُوزُ ورودُ فاعِلَيْنِ لفِعْلٍ واحِد، إِلّا على رأيِ ضَعيفٍ

في اللّغَة، يُسَمّى لغةَ " أَكَلوني البَراغيث ".

والقرآنُ المعجِزُ يُوَجَّهُ إِلى أَقوى اللغاتِ وأَفصحِ الاختيارات، وأَرجحِ الاحتمالات، ويُرْبَأُ به عن اللغاتِ الضعيفةِ، والتَأْويلات المتكَلَّفَة!.

وفي توجيهِ وُقوعِ الموصولِ بعدَ الضميرِ في "وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)

أَقوالٌ عديدة، تَعَرَّضَ لها معظمُ الذين فَسَّروا القرآنَ وأَعْرَبوه.

والراجحُ أَنَّ (الَّذِينَ) في مَحَلّ رفع بَدَلٍ من الضمير الفاعلِ في

(أَسَرُّواْ) .

و (ظَلَمُوا) صلةُ المو صول.

والتقدير: وأَسروا النَّجوى الظالمون.

وبِما أَنّها بَدَلٌ فإِنَّه يُمكنُ ذِكْرُها بَدَلَ الفاعِل، فيصحُّ أَنْ تَقولَ: أَسَرَّ الذينَ

ظَلَموا النجوى.

أَيْ: أَسَرَّ الظالمون النجوى.

واللطيفُ في الآية مجيءُ كلمتَيْنِ بَدَلَيْن من قبلِهما: (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) .

فجملةُ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) بَدَلٌ من الفاعل.

وجملة (هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) بَدَلٌ من المفعول به (النَّجْوَى) ولو وَضَعْنا البَدَلَيْنِ مَكانَ المبْدَلِ منهما لكانَ التقدير: وأَسَرَّ الظالمونَ قَوْلَهم: هل هذا إِلّا بشرٌ مثلكم!.

وأنّى للفادي الجاهلِ أَنْ يَتَذَوَّقَ هذا التعبيرَ القرآنيَّ الرائع! ولأَنه عجزَ

عن الارتقاءِ إِلى مستواهُ قامَ بانتقادِه وتخطئتِه (?) .

***

اعتراض على الالتفات:

ْاعترَضَ الفادي الجاهِلُ على قولِ اللهِ - عز وجل -: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015