بهذا التوجيهِ للقراءاتِ الثَّلاثِ نَعرفُ خَطَأَ وجهلَ الفادي المفترِي في
اعتراضه على القرآن، وأَنه تكلَّمَ بشيء لا يَعرفُ عنه شيئاً، ورحمَ اللهُ امرءًا عَرَفَ قَدْرَ نفسه!.
***
اعترضَ الفادي الجاهلُ على قولِ اللهِ - عز وجل -: (اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) .
وقال في اعتراضِه: " لماذا لم يُتْبعْ خَبَرَ " لَعَلَّ " اسْمَها في التأنيث؟
ولماذا لم يَقُلْ: " قَريبة "؟ ".
(السَّاعَةَ) مُؤَنَّثَة، وهي في الآية: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) اسمُ
" لَعَلَّ " منصوب.
و: (قَرِيبٌ) : خَبَرُ " لَعَلَّ " مرفوع.
والإِشكالُ عند الفادي في تَذكير الخبرِ (قَرِيبٌ) مع أَنَّ الاسْمَ
(السَّاعَةَ) مُؤَنَّث، ولا يَجوزُ أَنْ نَقولَ: الساعَةُ قَريب، وإِنما نقولُ: الساعةُ قَريبة، ولذلك أَخْطَأَ القرآنُ - في زَعْمِه - لإِخبارِه عن المَؤنَّثِ بالمذكَّر!.
وفي توجيهِ هذا قولان:
الأَول: (قَرِيبٌ) في الجملة: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) ليسَ خَبَرَ
" لَعَلَّ "، ومن ثم ليس إِخْباراً عن الاسمِ المؤَنَّثِ (السَّاعَةَ) .
وإِنما هو خَبَرٌ لمبتدأ محذوف، تقديرُه: موعد.
فتكونُ جملةً اسميةً من مبتدأ وخبر: موعِدُها قريبِ.
وهذه الجملةُ الاسميةُ في محلِّ رَفْع خَبَرِ " لعلَّ ".
فيكونُ السياقُ هكذا: وما يدريكَ لَعَلَّ الساعةَ موعِدُها قريب.
الثاني: (قَرِيبٌ) في القرآنِ وَصْفٌ لم يَأتِ إِلَّا مُذَكَّراً، فهو وَصْفٌ على
وَزْنِ " فعيل "، لكنَّه بمعنى " فاعِل ": أَيْ: قارِب.
ولذلك جاءَ مُذَكَّراً، سواءٌ كانَ المخبَرُ عنه مُذَكَّراً أَو مُؤَنَّثاً.
ولم تَأتِ صفةُ " قريبة " المؤنثةُ في القرآن.