حيث ظَنَّ الفادي أَنَّ (وَالْمُقِيمِينَ) منصوبٌ لأَنَّه معطوفٌ على المرفوعِ قبلَه: (وَالْمُؤْمِنُونَ) ، مع أَنه منصوبٌ؟
لأَنَّه مفعولٌ به لفعلٍ محذوفٍ تقديره: أَمْدَحُ المقيمين الصلاة (?) .
***
اعترضَ الفادي على قولِ اللهِ تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) .
قالَ في اعتراضه: "كانَ يَجِبُ أَنْ يُعتبرَ المقامُ الذي يَقْتَضي صيغةَ
الماضي لا المضارع، فيقول: ثم قالَ له: كُنْ، فكان ".
الكلامُ في الجملةِ عن خَلْقِ أَبي البشر آدمَ - عليه السلام -، فاللهُ خَلَقَه بكلمتِه التكوينية، ولَمّا سَوّاهُ من تُراب، قالَ له: (كُنْ) ، فكان، وصارَ إنساناً حَيًّا.
و (كُنْ) فعْلُ أَمْرٍ تامّ، يَحتاجُ إِلى فاعلٍ فَقَط، وهو ضميرٌ مستترٌ تَقديرُه: أَنْتَ.
وهو بمعنى الوجودِ والتكوين.
أَيْ: تَكوَّنْ وتَشَكَلْ كما نُريدُ.
والفاءُ في (فَيَكُونُ) حَرْفُ عطف.
وجملةُ (يَكُونُ) معطوفةٌ على جملةِ (كُنْ) .
و (يَكُونُ) فعلٌ مضارع تامٌّ، وفاعلُه تقديرُه " هو " وجملةُ " يكونُ " في
محلِّ رَفْعٍ خبر لمبتدأ محذوف، تقديرُه: فهو يَكون.
أَيْ: قالَ له: كُنْ، وتَكَوَّنْ، فهو كائِنٌ مُتَكَوِّنٌ كما أَمَرَهُ الله.
وكانَ المتوقَّعُ أَنْ يُعَبِّرَ بالماضي: ثم قالَ له: كُنْ فكان.
لأَنه أَخْبَرَ عن خَلْقِ آدَمَ - عليه السلام - في بدايةِ تاريخِ البشريةِ، لكنَّهُ عَدَل عن الماضي إِلى المضارع، فقال: ثم قالَ له: كُنْ، فيكون.
وذلك لكي نستحضرَ نحنُ في خيالِنا خَلْقَ أَبينا آدمَ - عليه السلام -
لأَنَّ المضارعَ يدل على التجدّدِ والاستمرارِ، والحيويةِ والتفاعل (?) .