(رَحْمَتَ اللَّهِ) ، والأَصْلُ أَنْ يَتْبَعَ الخَبرُ المبتدأَ في التذكيرِ والتأنيث، فالأَصْلُ

أَنْ تكونَ الآيةُ هكذا: إِنَّ رحمةَ الله قريبةٌ من المحسنين.

ولتَوجيهِ تَذْكيرِ خَبَرِ " إِنَّ " في الآية نَقول: يَجبُ أَنْ يَتبعَ الخَبَرُ المبتدأَ في

التذكيرِ والتأْنيث، إِذا كانَ المبتدأُ مُؤَنَّثاً تَأْنيثاً حَقيقياً، ولم يَفْصِلْ فاصلٌ بينَ

المبتدأ والخَبَر.

تَقُولُ: عائشةُ قريبة منا.

فإِذا كانَ تأنيثُ المبتدأ غيرَ حقيقيّ جازَ في خَبَرِه التَّذكيرُ والتَّأْنيث.

وتَأنيثُ (رَحْمَتَ) غيرُ حقيقيّ؟

لأَنها ليستْ أُنثى حقيقية.

وقد فَصَلَ لَفْظُ الجلالةِ (اللهَ) بين اسْمِ " إِنَّ " وخَبَرِها: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) .

وهذه الآيةُ كقولِه تعالى: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا) ، فتأنيثُ الساعةِ غيرُ حقيقي، وفَصَلَ فعلُ (تكونُ) بين الكلمتَيْن، فجاءَتْ

كلمةُ (قَرِيب) مُذَكَّراً وليستْ مؤنثة!.

وهناكَ حكمة أُخْرى لتذكيرِ خَبَرِ " إِنَّ " في الآية، وهي أَنَّ كلمةَ (قَرِيب)

مجاورةٌ لكلمةِ " الله "، فمن غيرِ المناسب أَنْ تُؤَنَّث (قَرِيب) ، لهذه المجاورة

اللفظية، من بابِ تنزيهِ اللهِ عن شُبهةِ التأَنيثِ اللفظي!!.

***

تأنيث العدد وتذكير المعدود

قالَ اللهُ عن أَسباطِ بني إِسرائيل: (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا) .

العددُ في الآيةِ مُؤَنَّث (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) .

والمعدودُ مذكَّر (أَسْبَاطًا) لأَنَه جمعُ " سِبْط " وهو مذكَّر.

وقد خَطَّأَ الفادي الجاهلُ الآية، وقال: " كانَ يَجبُ أَنْ يُذَكِّرَ العَدَدَ ويَأتي

بالمعدود مُفْرَداً، فيقول: وقَطَّعْناهم اثْنَتي عَشَرَ سِبْطاً ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015