وهذا من رحمةِ اللهِ بالمؤمنين، فهو يَعلمُ أَنه لا بُدَّ للمؤمنِ أَنْ يَضعفَ
ويَزِلَّ ويُخطئَ ويُذْنِب، وهو غيرُ معصومٍ من الأَخطاءِ والذنوب، وبما أَنَّه
يتجنبُ الكبائر، كالقتْلِ والزّنى والرِّبا والسرقةِ والخَمْر، فإِنَّ اللهَ يَغفرُ له
الصغائرَ اللَّمَم، التي يُلِمُّ بها بدونِ قَصْدٍ أَو تَعَمّد، كالكلمةِ الخَطَأ، والنظرةِ
الخَطَأ، والموقفِ الخَطَأ، والشعورِ الخَطَأ، على أَنْ يعترفَ بذنْبِه ويُسارعَ إِلى
التوبةِ والاستغفار، ويُتبعَ السيئاتِ الحسناتِ لتَمحوَها وتَذهبَ بها..
قالَ تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) .
هذا المبدأُ القرآنيُّ لا يُعجبُ الفادي المفترِي، واعْتَبَرَه لا يتفقُ مع العقلِ
والمنطق، ومنطقُه العقليُّ يُقَرِّرُ أَنَّ اللهَ القُدّوسَ العادلَ لا يَغفرُ للمخطئ بدونِ
كَفّارَة، ولا يَصفَحُ عنه بدونِ فِداء! وإِذا ظَنَّ المسلمُ أَنَّ اللهَ يُمكنُ أَنْ يغفرَ له
بدونِ فداءٍ أَو كفارةٍ فهذا استهتارٌ منه بالله، لأَنَّ اللهَ العادلَ لا يَرحمُ بدونِ
قِصاص، ولا يَغفرُ بدونِ كَفارةٍ أَو فداء.
وهل يَقْتُلُ المذنبُ نَفْسَه لتكونَ كَفارة؟!
وهل يَسفكُ دَمَه ليكونَ فداء؟!..
لا داعي لذلك، فقد فَدى اللهُ ذُنوبَ المذنبينَ السابقينَ واللاحقينَ بابنِه الفادي المسيح، الذي أَذِنَ لليهودِ أَنْ يَقْتُلوهُ ويَصْلبوه، ليكونَ قَتْلُه كفارةً لذنوبِ المذْنبين جميعاً، ويكونَ دَمُه المسفوكُ على الصليبِ كفارةً لجميعِ الذنوب!!.
وعلى المذنبينَ والعصاةِ والمخطئين أَنْ يَفْرَحوا ويَطمئنوا، فاللهُ فَداهم
بابنِه الفادي، وروحُ الفادي كفارةٌ لذنوبهم، ولا يُطْلَبُ منهم شيءٌ! لا توبةٌ ولا استغفار، ولا اجتنابٌ للكبائر، ولا تَرْكٌ للصغائر، ولا دَفْعٌ للكفارات!!
ليَعْمَلوا ما شاؤوا من الذنوبِ الكبيرةِ والصغيرة ولا يخافوا، فالمسيحُ الفادي
فَداهم وفَدى ذنوبَهم بنفسِه!.
اعتبرَ الفادي المفترِي القرآنَ مخطِئاً عندما دَعا المسلمين إِلى تَجَنُّبِ
الكبائر، وإِلى فعْلِ الحسنات، وإِلى التوبةِ والاستغفار، هذا كلُّه لا داعيَ له،
والبركةُ في المسيحِ الفادي، الذي فداهم بنفسه!!.