أجَسادِهم عند الاستيقاظ، لأَنه بَقيَتْ في أَعمارِهم بقية: (وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) .
والفريقان يتوفّاهم اللهُ أَثناءَ نَومِهم: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا) ..
والتوفّي معناه القبضُ، أَيْ: اللهُ يَقبضُ أَرواحَ الأنفس كُلِّها حينَ نومِها، فإِن انتهى عُمْرُ بعضِ الأَنفسِ أَمسكَ أَرواحَها أَثناءَ نومِها، وإِنْ بقيتْ في عمرِ بعضِ الأَنفسِ بقيةٌ أَعادَ لها أَرواحَها.
وتدلُّ الآياتُ السابقةُ على أَنَّ التوفّي في القرآنِ بمعنى: " القبضِ "
والتغييب.
وهذا القبضُ والتغييبُ نوعان: قبضُ نَوْمٍ.. وقَبْضُ مَوْت.
فالتوفّي في القرآنِ نوعان: تَوَفّي نَوْم.. وتوفّي مَوْت.
والمعْنَيانِ مذكورانِ في قصةِ عيسى - عليه السلام -: فاللهُ تَوَفّى عيسى - عليه السلام - تَوفّي نَوم، ثم سيتوفَّاهُ توفّي مَوْت ...
التوفّي الأوَّل: وَرَدَ في قولِهِ تعالى: (إِد قَالَ اَدفَهُ يَعِيممَئَ إِقِ مُتَوَفيلثَ
وَرَافِعُكَ إِلَىَّ) : أَي: إِنَّني أُلْقي عليكَ النَّوْم، وأَتَوَفّاكَ تَوَفّي النَّوْم، وأَقبضُكَ أَثناءَ نومك، وأَرفعُك إِلَيَّ وأَنت نائم، وأُطَفَرُكَ من الذينَ كفروا.
التوفي الثاني: وَرَدَ في قوله تعالى: (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) ، أَيْ: لما أَمَتَني وقَبَضتَ روحي، كنتَ أَنْتَ الرقيبَ عليهم.
والخلاصةُ: توفّى اللهُ عيسى - عليه السلام - تَوَفي نَوْم، وذلك عندما أَتاهُ الجنودُ واليهودُ لقَتْلِه وصَلْبِه، فحماهُ اللهُ منهم، وأَلْقى عليه النوم، وتوفّاهُ وقَبَضَه أثناءَ نومِه، ورَفَعَه إِليه، وجَعَلَه في السَّماء، وهو حيّ بروحِه وجسمِه في السماءِ، حياةً خاصةً معجزة، ليستْ كحياتِنا..
وسيَنزلُ قُبيلَ قيامِ الساعة.
وسوفَ يَتَوَفَّى اللهُ عيسى - عليه السلام - تَوَفي الموت، عِندما يُنزلُه في آخِرِ الزمان، ويَعيشُ بين المسلمين ما شاءَ اللهُ له أَنْ يَعيش..
ثم يتوفّاهُ اللهُ بقبضِ روحهِ وموته ...
هذا ما قَرَّرَهُ القرآنُ بشأنِ تَوَفّي عيسى - عليه السلام -، وهو الحَق الذي لا خَطَأَ فيه والله أَعلم!! (?) ..