وقوله: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) .
وهذا فهمٌ خاطى للآياتِ الثَّلاث، فهي لا تتحدَّثُ عن موتِ عيسى - عليه السلام - على الصليب، ثم دفنِه وقيامتِه، وإِنما تتحدَّثُ عن موتِه، وبعثِه يومَ القيامة.
معنى آيةِ سورةِ مريم: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) :
أَنَّ اللهَ سيمنَحُه السلام، ويُنْجيه من الخَطَرِ في المواطنِ الثلاثةِ التي
يتعرَّضُ فيها الإِنسانُ لخطرٍ كبير: يومَ ميلادِه، ويومَ موتِه، ويومَ بعثِه حَياً يومَ القيامة!.
والمرادُ بقولِه: (وَيَومَ أَمُوتُ) : موتُه الحقيقيُّ بعدَ إِنزالِه على الأَرضِ
قُبَيْلَ قيامِ الساعة، حيثُ سيُنزلُهُ اللهُ حاكِماً بدينِ الإِسلام، وسيكسرُ الصَّليب ويقتلُ الخنزير، ويضعُ الجزية، ويُقاتلُ النَّصارى، ولا يقبلُ منهم إِلّا
الإِسلام..
ثم يموتُ الموتةَ التي كَتَبَها اللهُ على كُلّ مخلوقٍ حيٍّ، ثم يُصَلي
عليه المسلمونَ ويَدفنونه.
والمرادُ بقوله: (وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) : بَعْثُه يومَ القيامة، معَ باقي الأَنبياءِ
والإِنسِ والجِنّ.
فليس المرادُ بقولِه: (وَيَومَ أَمُوتُ) : موتَهُ على الصليبِ وخروجَ روحِه
عليه.
كما أَنه ليس المرادُ بقولِه: (وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) : قيامَه من قبرِه الذي دَفَنوهُ
فيه، بعد ثلاثةِ أَيامٍ من صَلْبِه ودَفْنِه.
أمّا معنى آيةِ سورةِ آلِ عمران: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) فإِنه
يَحتاجُ إِلى توضيح، لنفيِ اللَّبْسِ وحَلِّ الإِشكال.
(مُتَوَفِّيكَ) في الآيةِ خبرُ " إِنَّ " مرفوعٌ بضمةٍ مقدَّرَةٍ على الياء، وهو اسْمُ
فاعلٍ من الفعلِ الخُماسيّ: تَوَفّى.
تقول: تَوَفّى، فهو المتوفِّي.
والتوفّي في القرآنِ قد يُسْنَدُ إِلى الله.