وهذا كلُّهُ من امتحانِ اللهِ لعبادِه، لما لَه في ذلكَ من الحكمةِ البالغة.
وقد أَوضحَ اللهُ الأَمْرَ وجَلّاه وأَظْهَرَه وبَينَه في القرآنِ العظيم، الذي أَنزلَه على رسولِه الكريمِ - صلى الله عليه وسلم -، حيثُ بَينَ أَنهم ما قَتَلوا عيسى - عليه السلام - وما صلَبوه، ولكن شُبِّهَ لهم، حيثُ أَلْقى اللهُ شَبَهَه على ذلك الشّابّ، فَبَدا لهم عيسى، فقَتَلوه وصَلَبوه، ظانّينَ أَنَّه عيسى! وأَخبرَ اللهُ أَنَّ الذينَ اخْتَلَفوا في عيسى - عليه السلام - من اليهودِ الذين ادَّعَوْا قَتْلَه، والنصارى الجُهّالِ الذين سَلَّموا لهم بذلك، كُلُّهم في
شَكٍّ وحَيْرةٍ وضلالٍ من ذلك! وأَخبرَ أَنهم ما قَتَلوه مُتَيَقنِين أَنه هو، وإِنما كانوا شاكّين مُتَوَهِّمين ...
قالَ ابنُ عباسٍ رضتها: " لما أَرادَ اللهُ أَنْ يرفعَ عيسى - عليه السلام - إِلى السماء، خَرَجَ على أَصحابِه، وفي البيتِ اثْنا عَشَرَ رَجُلاً من الحواريّين، خَرَجَ عليهم من عينٍ في البَيْت، ورأسُه يَقطرُ ماءً، فقالَ إِنَّ منكم مَنْ يكفرُ بي اثنتَي عَشْرَةَ مرة، بعد أَنْ آمَنَ بي!.
ثم قال: أيكم يُلْقى عليه شَبَهي، فيُقْتَلُ مكاني، ويَكونُ معي في دَرَجتي؟.
فقامُ شابّ من أَحْدَثِهم سِنّاً، فقالَ له: اجلسْ، ثم أَعادَ عليهم، فقامَ
ذلك الشابُّ، فقالَ له: اجلسْ! ثم أَعادَ عليهم، فقامَ ذلك الشاب، فقال: أنا! فقالَ له عيسى - عليه السلام -: هو أَنت!!.
فأُلْقِيَ عليه شَبَهُ عيسى - عليه السلام -، ورُفِعَ عيسى من " روزَنَةٍ " في البيتِ إِلى السماء، وجاءَ الطَّلَبُ من اليهود، فأَخذوا الشَّبَهَ، فَقَتَلوه، ثم صَلَبوه.. ".
وعلى ضوءِ كلامِ ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - وابنِ كثيرٍ - رحمه الله -، يمكنُ أَنْ نَتَصَوَّرَ أَحداثَ تلك الليلةِ المثيرةِ كما يَلي:
1 - نجحَ اليهودُ في إِقناعِ الحاكمِ الروماني في إِلقاءِ القبضِ على
عيسى - عليه السلام -.