الذي يَتْلوهُ كُلُّ مسيحي في كُلّ كنيسة، في كلِّ مكانٍ وزمان! وآثارُ المسيحيينَ في القرونِ العشرين الفائتة في كُلِّ أَنحاءِ العالَمِ تحملُ شاراتِ الصليب؟
فكيفَ ينكرُ أَحَدٌ تاريخيةَ الصليب؟! ".
يُؤمنُ كُلّ النصارى أَن اليهودَ والرومانَ قَتَلوا عيسى - عليه السلام - وصَلَبوه، وأَنَ روحَه خرجَتْ على الصَّليب، وبعد ثلاثةِ أيامٍ من دفْنِه رُدَّتْ إِليه روحُه، فقام من قَبْرِه، وصَعَدَ إِلى السماء!.
وكانَ اليهودُ يَتَباهون ويَتَفاخَرون بقتْلِ عيسى - عليه السلام -، قال تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ) ..
أَما النَّصارى فقد جَعَلوا الصليبَ جُزْءاً من عقيدتِهم ودينهم، والشعارَ المميزَ لهم عن باقي أَتْباعِ الأَدْيان، وَوَضَعوا الصليبَ في أَعناقِهم وعلى كنائِسهم وملابِسهم ومرافقِ حياتهم..
فإِذا نفى القرآنُ صَلْبَ عيسى - عليه السلام - نَفْياً صَريحاً فإِنَ النصرانيةَ تَتَهاوى من أَساسِها، ولذلك كَذَّبَ الفادي القرآنَ في نفيهِ صَلْبَ عيسى - عليه السلام -.
وعندَ النظرِ في كَلامِ القرآنِ عن الصَّلْب نَرى أَنه لم يَنْفِ الصَّلْبَ جملةً
وتَفْصيلاً، وإِنما نفى صلبَ عيسى - عليه السلام -، وكَذًّبَ اليهودَ في ادعاءِ ذلك..
قال تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) ؟
فنفى أَنْ يَكونوا قَتَلوا عيسى - عليه السلام - أَوْ صَلَبوه.
ويُقررُ القرآنُ أَنَّ المختَلِفين في موضوعِ القتلِ والصلبِ من اليهودِ
والنَّصارى في شكٍّ منه، لم يَصِلوا إِلى اليقين، لأَنهم لا يَنْطَلقونَ من العِلْم،
وإِنما يَتَّبِعونَ الظَّنَّ، والظَّنّ لا يوصِلُ إِلى يَقين: (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ... .
ويؤكِّدُ القرآنُ مرةً أُخرى أَنهم لم يَقْتُلوا عيسى يَقيناً، لأَنَّ اللهَ العزيزَ
الحكيمَ رَفَعَهُ إِليه: (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) .
وتَدلُّ الجملُ القرآنيةُ السابقةُ على أَنَّ القرآنَ لم يَنْفِ الصلبَ مُطْلَقاً،