امتلأَ نهرُ النيلِ بالمياه، التي أَدّى طوفانُها إِلى إِغراقِ أَراضيهم ومزروعاتِهم
بالمياه..
ولَمّا انْحَسَرت المياهُ ونَبَتَ الزرعُ أَرسلَ الله عليه الجرادَ فقضى
عليه ...
وما سَلِمَ من الزرعِ من الجراد، وحَصدوه، وخَزَّنوا حُبوبَه، أَرسلَ اللهُ
عليه " القُمَّلَ " - بتشديدِ الميم - وهو السّوسُ الذي أَكَلَه ونَخَرَه وأَفْسَدَه..
أَمّا الضفادح والدمُ فهما عقوبتان منفصلتانِ عما قبلَهما، ولا نَعرفُ عن تفاصيلِهما، لأَنَ اللهَ لم يُخبرْنا عن ذلك، فنَكْتَفي بالإشارةِ القرآنيةِ الإِجمالية.
وقد رَفَضَ الفادي قَبولَ ذلك، واعتبرَهُ من أَخطاءِ القرآنِ التاريخية،
وحاكَمَ القرآنَ إِلى العهدِ القديم، فوجَدَ فيه الحديثَ عن عَشْر ضَرْبات،
ضَرَبَ اللهُ بها آل فرعون.
قال: " معلومٌ أَنَّ اللهَ ضَرَبَ المصريين على يَدِ موسى
عَشْرَ ضربات، هي: الدَّمُ، الضفادح، البعوضُ، الذُّبَّانُ، موتُ المواشي،
الدمامِلُ، البَرَدُ، الجرادُ، الظلامُ، موتُ الأَبكار ...
أَمّا الطوفانُ فلم يُصِبْ مصرَ زمنَ فرعون، بل كانَ حَدَثاً مَشْهوراً حَلَّ بقومِ نوح ".
وكلامُ الفادي عندنا مَرْدود، وعودَتُه لسِفْرِ الخروجِ لاستخراجِ الضرباتِ
الربانيةِ العشرة منه غيرُ صحيحة، لأَنَّ الأَحبارَ حَرَّفوا أَسفارَ العهدِ القديم!
فنحنُ لا نعتمدُ ما وردَ فيه، وإِنما نعتمدُ ما وَرَدَ في القرآن، فنقول: أَرسلَ اللهُ.
على فرعونَ وقومِهِ الطوفانَ والجرادَ وَالقُمَّلَ والضفادح والدم، بعد أَنْ أَخَذَهم بالسنين ونقصِ الثمراتِ، لعلَّهم يتذكرون!!.
وقد خَطَّأَ الفادي القرآنَ في حديثِه عن الطوفان، الذي عاقَبَ اللهُ به قومَ
فرعون، لأَنه لا يوجَد عندَه إِلّا طوفانٌ واحد، وهو الذي عَمَّ الجبالَ
والسهول، وأَغرقَ قومَ نوحٍ الكافرين! وهذا بسببِ فكرِهِ القاصرِ وعقْلِه
الصغير، فالطوفانُ زمنَ نوحٍ - عليه السلام - طوفانٌ عامّ شاملٌ كامل، عمَّ وَجْهَ الأَرضِ كُلّها، لكن هذا لا يَمنعُ وُجودَ وحدوثَ حوادثِ طوفانٍ أُخرى جزئية، ومنها ذلك الطوفانُ الذي أَرسلَه اللهُ على قومِ فرعون!!.