أَخْبَرَنا اللهُ عن ما جَرى لمريمَ العذراء - عليها السلام -، بعدما نَفَخَ فيها الروحُ جبريلُ، وحَمَلَتْ بعيسى - عليه السلام -.
قال تعالى: (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) .
وقد سَبَقَ أَنْ ناقَشْنا الفادي المفترِي في تخطئَتِه القرآنَ في كلامِه عن
انتباذِ مريمَ عن أَهْلهِا، وعن النخلةِ وجِذْعِهاَ ورُطَبِها، وعن وَليدِها عيسى الذي كَلَّمها بعد لحظةٍ من ولادتِه.
وقد اعترضَ على القرآنِ من زاويةٍ أُخْرى، حيثُ زَعَمَ أَنَّ القرآنَ خَلَطَ
بينَ مريمَ وهاجر، فنَسَبَ لمريمَ ما حَصَلَ مع هاجر.
قال: " وفي هذا خَلْطٌ بينَ مريمَ العذراء وهاجرَ أُمّ إِسماعيل..
فهاجر هربت إِلى البرية بإسماعيل، ولما عطشت هيَّأَ الله لها عين ماء فشربت.
أَمّا العذراءُ فلم تَهْرُبْ إِلى بَرّيَّة، ولا احتاجَتْ إِلى الماء، ولا كانَتْ تحتَ نَخْلَة ... " (?) .
واعتراضُه مردود، لأَنَّنا نتحفَّظُ على ما ذَكَرَهُ الأَحبارُ في سِفْرِ التكوين،
بالنسبةِ لهربِ هاجرَ بابنِها إِسماعيلَ إِلى البرية، بسببِ اضطهادِ سارةَ لها، فما
ذَكروهُ ليس في مصادِرِنا ما يُؤَيِّدُه ويُصَدّقُه، ولذلك نتوقف فيه بدونِ تصديقٍ أَو تكذيب، ونقول: اللهُ أَعلمُ بذلك (?) .
ويتجرأُ الفادي المفترِي على حديث القرآنِ عن مريم العذراء، فيُكَذِّبُه