أتاهُ جبريلُ وأَلْبَسَهُ إِيّاه، وكانَ يوسُفُ مَحفوظاً مُوَفَقاً بفضْلِ القميص..
وأَمَرَ يوسُفُ بإِرسال القميصِ إِلى أَبيه، لأَنَّ فيه ريحَ الجَنَّة، وله أَثَرُ السحر، فما وُضِعَ على مَريضٍ إِلاّ عوفي.
وعَلَّقَ الفادي على هذه الأَسطورةِ المكذوبةِ فقال: " ونحنُ نسأَل: كيفَ
يَلْبَس سُكانُ الأَرضِ ثيابَ سُكانِ السَّماء؟
وكيفَ يعملُ القَميصُ عملَ المعجزاتِ، على أَيْدي الذين توارَثوهُ، أَيًّا كانوا وأَنى كانوا؟ ما هو مَصيرُ هذا القميصِ الآن؟
أَلا نَسْخَرُ من الذينَ يُلْبِسونَ أَولادَهُم وبهائِمَهم تَعاويذ؟
وهل يَتَساوى الأَنبياءُ والآباءُ الكرامُ إِبراهيمُ وإِسحاقُ ويَعقوبُ ويوسفُ بمن
يستعملونَ التعاويذ؟ " (?) .
وبما أَنَّ الكلامَ الذي ذَكَرَه الفادي عن القميصِ خُرافَةٌ مكذوبة، فكُلُّ
الأَسئلةِ التي أَثارَها حولَه باطلةٌ مُلْغاة، ولا دَاعي لها، وكان الأَوْلى به أَنْ
يُريحَ نَفْسَه فلا يُثيرُها، لأَنها أَسئلةٌ تافهةٌ لا وَزْنَ لها! وهو خَبيثٌ مُتحامل على
القرآن، لأَنه حَمَّلَ القرآنَ مسؤوليةَ كلامٍ لم يذكُرْه، وما دَخْلُ القرآنِ بخرافةِ
القميص؟
ولماذا يُخَطِّئُ الفادي القرآنَ بشيء ليسَ فيه؟..
لو قالَ: إِنَّ هذا الكلامَ عن القميصِ خَطَأ، لقبلْنا كلامَه، لأَنه خَطَأٌ فِعْلاً، أَمّا أَنْ يُنْسَبَ هذا الخطأُ للقرآن، ويُسَجَّلَ ضمنَ أَخطاءِ القرآن التاريخية، فهذا هو الاتّهامُ الباطلُ والتحاملُ المفضوخ!.
كلُّ ما ذَكَرَه القرآنُ عن القميصِ، أَنَ يوسُفَ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ إِخوانَه أَنْ يُلْقوهُ على وجهِ أَبيه، ليعودَ له بَصَرُه، ولما فعلوا ذلك عادَ بَصيراً.
قال تعالى: (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) .