التوراةُ والإِنجيلُ، ولم يدخُل معه في الفلكِ إِلا امرأَتُه وأَولادُه ونساءُ أَولادِه،
وهم ليسوا أَراذل، والقرآنُ يقول: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77) ..
وهذا يعني أَنَّ الحديثَ الذي دارَ بين نوحٍ وقومِه عن إِيمانِ البعضِ به
لم يَحْدُثْ " (?) .
وقد سبقَ أَنْ بَيَّنّا كذبَ الأَحبارِ والفادي في زعْمِهم أَنَّ ركابَ السفينةِ
كانوا ثمانيةَ أَشخاصٍ فقط، هم أُسرةُ نوح.
ويواصِلُ الفادي هنا كذبَه وافتراءَه عندما ادّعى أَنَّه لم يؤمنْ به أَحَدٌ من
قومِه! ولا ندري ماذا كان نوحٌ يفعلُ معهم طيلة حوالي أَلْف سنة؟
يَزعمُ الأَحبارُ والفادي أَنه لم يَدْعُهم إِلى اللهِ خلالَ هذه المدةِ كُلِّها، ولذلك لم يُؤمِنْ به أَحَد! وقد أَخطأَ القرآنُ عندما أَخبرَ عن كلامٍ بينَه وبين قومِه عن إِيمانِ بعضِهم، لأَنَّ هذا الحديثَ لم يَحدثْ كما جزمَ الفادي!.
لقد كانَ القرآنُ صَريحاً في إِيمان عددٍ قليلٍ من قومِه.
قال تعالى: (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) .
وأَخطأَ الأَحبارُ والفادي عندما زَعموا أَنَّ كُلَّ عائلةِ نوحٍ كانوا في
السفينة، وقد سَبَقَ أَنْ بَيَّنّا خَطَأَهم فيما مَضى، وذَكَرْنا أَنه لم يركبْ معه في
السفينة إِلّا المؤمنونَ من أَهْلِه، وأَنَّ امرأَتَه كافرة، وأَنَّ أَحَدَ أبنائِه كافر..
فلم يُخطئ القرآنُ في حديثِه عن ما جرى بينَ نوحٍ وقومِه الكافرين، وإِنما أَخْطَأَ الفادي في اعتراضه على القرآنِ، واعتمادِه على أَخطاء العهدِ القديمِ التي كَذَّبها القرآن.