ذَكَرَ القرآنُ إِدريسَ - عَليه السلام - ضمنَ الأَنبياءِ، قال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)
وقد حاكمَ الفادي - كعادته - القرآنَ إِلى العهدِ القديم، ولَمّا لم يجد اسْمَ
إِدريسَ فيه حَكَمَ بتخطئةِ القرآن، والذي في العهدِ القديم هو أخنوخ وليسَ
إِدريس..
ونَقَلَ الفادي عن سِفْرِ التكوينِ أَنَّ أَخنوخَ عاشَ ثلاثمئةٍ وخمساً
وستينَ سنة، وسارَ أَخنوخُ مع الله، ولم يوجَدْ بعدَ ذلك لأَنَّ اللهَ أَخَذَه.
ونقلَ عن البيضاويّ قولَه: " إِدريسُ: هو جَدُّ أَبي نوح، واسْمُه أَخنوخ،
واشتقاقُ إِدريسَ من الدَّرْس، لكثرةِ دُروسِه، إِذْ رويَ أَنَّ اللهَ أَنزل عليه ثلاثين صحيفة، وأَنه أَولُ مَنْ خَطَّ بالقَلَم، ونَظَرَ في علمِ النجومِ والحسابِ (إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) .
يَعْني شرف النبوةِ والزلْفى عندَ الله، وقيلَ: الجنة، وقيلَ: السماءَ السادسةَ أَو الرابعة " (?) .
واعترضَ الفادي على تسميةِ القرآنِ له بإِدريس، وقال: " ونحنُ نسأَل:
مِن أَينَ جيءَ باسمِ إِدريسَ بدل أَخنوخ، فالصوابُ أَخنوخُ وليس إِدريس! ".
لا تَجوزُ محاكَمَةُ القرآنِ إِلى الكتابِ المقَدَّس، لما سبقَ أَنْ قَرَّرْناهُ،
وقرآنُنا هو المهيمنُ على ما قبلَه من الكُتُب، لأَنَّ الكتبَ السابقةَ مُحَرَّفَة،
والقرآنُ محفوظ.
فما ذَكَرَه القرآنُ هو الصواب، والاسْمُ الذي خالَفَ المذكورَ
في القرآن هو المرفوض، وبما أَنَّ اسْمَه في القرآنِ إِدريسُ فهذا هو اسْمُه ولا
نَدْري من أَينَ جاء مؤلفو سِفرِ التكوين باسم أخنوخ، وهو اسْمٌ مرفوض!.
ولَسْنا مع البيضاويِّ في ما ذَكَرَه عن إدريسَ من أَنَّ اسْمَه أَخنوخ، وأَنه