جاء بالناموس الاعظم لكمال الحياتين الدنيوية والاخروية، وأنه آخى بين طبيعتي الانسان الجسدية والروحية، وأنه أنزل للعالمين أجمعين وروعيت فيه مصالحهم على قسطاس مستقيم، ولا جرم أن كتابا هذا شأنه لابد أن يكون راميا إلى قصد ومتوخيا في تعاليمه دستورا، ولابد أن يكون قد وعد وأوعد، وبشر وأنذر، ورغب ونفر، وبنى وهدم، وقوى ووهن، ووصل وقطع، وسلك لكل ذلك مسالك خاصة أدته إلى المكانة التى بلغها في نفوس الآخذين به قديما وحديثا.
القرآن آخر الكتب السماوية:
جاء في بعض الآثار عن عدد الصحف السماوية المنزلة ما روى عن أبى ذر الغفاري قال: (قلت يا رسول الله كم كتابا أنزل على أنبيائه؟ قال الرسول: مائة صحيفة وأربعة كتب، فقد أنزل على آدم عشر صحائف وعلى شيث خمسين صحيفة وعلى إدريس ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم عشر صحائف وأنزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان (وهو القرآن) وقد نزلت الكتب المقدسة جميعها دفعة واحدة إلا القرآن فقد نزل منجما أي مفرقا.
فالقرآن آخر الكتب السماوية أنزله رب العزة جل جلاله على خاتم أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت نزوله بكل من الدليلين العقلي والنقلى، أما الدليل العقلي فهو ما تضمنه هذا الكتاب من وجوه الاعجاز الذى تحدى الانس والجن أن يأتوا بمثله فعجزوا عجزا مطلقا وما يزال التحدي قائما إلى يوم القيامة.
وأما الدليل النقلي فهو ما نقله إلينا السلف الصالح الذين عاشوا في زمن النبي وعاصروه، فقد ثبت بالتواتر الذى لا يرقى إليه شك أن القرآن كلام الله الذى