وهو كسب فوق كسب، وارتفاع بعد ارتفاع! وفي ختام آية الافتتاح التي توحي بكل هذه الحشود من الخواطر، يردّ «النَّاسُ» إلى تقوى اللّه، الذي يسأل بعضهم بعضا به، وإلى تقوى الأرحام التي يرجعون إليها جميعا: «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ» ..
واتقوا اللّه الذي تتعاهدون باسمه، وتتعاقدون باسمه، ويسأل بعضكم بعضا الوفاء باسمه، ويحلف بعضكم لبعض باسمه .. اتقوه فيما بينكم من الوشائج والصلات والمعاملات.
.. وتقوى اللّه مفهومة ومعهودة لتكرارها في القرآن. أما تقوى الأرحام، فهي تعبير عجيب. يلقي ظلاله الشعورية في النفس، ثم لا يكاد الإنسان يجد ما يشرح به تلك الظلال! اتقوا الأرحام. أرهفوا مشاعركم للإحساس بوشائجها. والإحساس بحقها. وتوقي هضمها وظلمها، والتحرج من خدشها ومسها .. توقوا أن تؤذوها، وأن تجرحوها، وأن تغضبوها .. أرهفوا حساسيتكم بها، وتوقيركم لها، وحنينكم إلى نداها وظلها. ثم رقابة اللّه يختم بها الآية الموحية: «إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً» ..
وما أهولها رقابة! واللّه هو الرقيب! وهو الرب الخالق الذي يعلم من خلق، وهو العليم الخبير الذي لا تخفى عليه خافية، لا في ظواهر الأفعال ولا في خفايا القلوب (?).