وقد حرَّم قيام أية علاقات بين المسلمين في الداخل أو الخارج على غير العقيدة، قال تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) (سورة المجادلة)

لقد «نشأت» هذه الأمة نشأتها بهذا الدين ونُشِّئت تَنشِئتها بهذا المنهج القويم وقادت نفسها وقادت البشرية بعد ذلك بكتاب اللّه الذي في يدها، وبمنهجه الذي طبع حياتها .. لا بشيء آخر .. وأمامنا التاريخ!

وقد صدقها اللّه وعده وهو يقول للعرب: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 10]

فبسبب من هذا الكتاب ذكرت هذه الأمة في الأرض وكان لها دورها في التاريخ وكان لها «وجود إنساني» ابتداء، وحضارة عالمية ثانيا .. ذلك بينما يريد جماعة من الحمقى أن يرفضوا نعمة اللّه هذه على الأمة العربية ويجحدوا فضل اللّه في أن جعل كلمته الأخيرة لأهل الأرض قاطبة في العرب وبلسانهم .. ومن ثم جعل لهم وجودا وذكرا وتاريخا وحضارة - يريدون أن يخلعوا هذا الرداء الذي ألبسهم اللّه إياه وأن يمزقوا هذه الراية التي قادتهم إلى الذكر والمجد .. بل إلى الوجود يوم أخرج اللّه منهم الأمة المسلمة!

نقول .. إن القرآن حين كان «ينشىء» هذه الأمة و «ينشئها» .. ويخطط ويثبت ملامح الإسلام الجديدة، في الأمة المسلمة - التي التقطها من سفح الجاهلية - ويطمس ويمحو ملامح الجاهلية في حياتها ونفوسها ورواسبها .. وينظم مجتمعها - أو يقيمه ابتداء - على أساس الميلاد الجديد .. وحين كان يخوض بالأمة المسلمة المعركة في مواجهة الجاهلية الراسبة في نفوسها وأوضاعها من مخلفات البيئة التي التقطها المنهج الرباني منها وفي مواجهة الجاهلية الرابضة فيها ومن حولها - ممثلة في يهود المدينة ومنافقيها ومشركي مكة وما حولها - والمعركتان موصولتان في الزمان والمكان!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015