وعَنْ أَبِى وَائِلٍ قَامَ عَمَّارٌ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ وَذَكَرَ مَسِيرَهَا وَقَالَ إِنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا ابْتُلِيتُمْ (?) .. فيسمع له الناس في شأن عائشة أم المؤمنين، وبنت الصديق أبي بكر - رضي اللّه عنهم جميعا.

وعن عَمْرُو بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنِى أَبِى:أَنَّ أَخًا لِبِلاَلٍ كَانَ يَنْتَمِى فِى الْعَرَبِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْهُمْ فَخَطَبَ امْرَأَةً مِنَ الْعَرَبِ فَقَالُوا:إِنْ حَضَرَ بِلاَلٌ زَوَّجْنَاكَ قَالَ فَحَضَرَ بِلاَلٌ فَقَالَ:أَنَا بِلاَلُ بْنُ رَبَاحٍ وَهَذَا أَخِى وَهُوَ امْرُؤُ سَوْءٍ سَيِّئُ الْخُلُقِ وَالدِّينِ فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ تُزَوِّجُوهُ فَزَوِّجُوهُ وَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَدَعُوا فَدَعُوا فَقَالُوا:مَنْ تَكُنْ أَخَاهُ نُزَوِّجْهُ فَزَوَّجُوهُ .. (?).

فلا يدلس عليهم، ولا يخفي من أمر أخيه شيئا، ولا يذكر أنه وسيط وينسى أنه مسؤول أمام اللّه فيما يقول .. فيطمئن القوم إلى هذا الصدق .. ويزوجون أخاه، وحسبهم - وهو العربي ذو النسب - أن يكون بلال المولى الحبشي وسيطه!

واستقرت تلك الحقيقة الكبيرة في المجتمع الإسلامي، وظلت مستقرة بعد ذلك آمادا طويلة على الرغم من عوامل الانتكاس الكثيرة. «وقد كان عبد اللّه بن عباس يذكر ويذكر معه مولاه عكرمة. وكان عبد اللّه ابن عمر يذكر ويذكر معه مولاه نافع. وأنس بن مالك ومعه مولاه ابن سيرين. وأبو هريرة ومعه مولاه عبد الرحمن بن هرمز. وفي البصرة كان الحسن البصري. وفي مكة كان مجاهد بن جبر، وعطاء بن رباح، وطاووس بن كيسان هم الفقهاء. وفي مصر تولى الفتيا يزيد بن أبي حبيب في أيام عمر بن عبد العزيز وهو مولى أسود من دنقلة» (?) ..

وظل ميزان السماء يرجح بأهل التقوى ولو تجردوا من قيم الأرض كلها .. في اعتبار أنفسهم وفي اعتبار الناس من حولهم. ولم يرفع هذا الميزان من الأرض إلا قريبا جدا بعد أن طغت الجاهلية طغيانا شاملا في أنحاء الأرض جميعا. وأصبح الرجل يقوم برصيده من الدولارات في أمريكا زعيمة الدول الغربية. وأصبح الإنسان كله لا يساوي الآلة في المذهب المادي المسيطر في روسيا زعيمة الدول الشرقية. أما أرض المسلمين فقد سادت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015