إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)} [هود:88] ..
«يا قوم ... » .. في تودد وتقرب، وتذكير بالأواصر القريبة.
«أرأيتم إن كنت على بينة من ربي؟» .. أجد حقيقته في نفسي وأستيقن أنه هو يوحي إلي ويأمرني بما أبلغكم إياه. وعن هذه البينة الواضحة في نفسي، أصدر واثقا مستيقنا.
«وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً» .. ومنه الثروة التي أتعامل مع الناس مثلكم فيها.
«وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه» .. فأنها كم ثم أذهب من خلفكم فأفعل ما نهيتكم عنه لأحقق لنفسي نفعا به!
«إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت» .. الإصلاح العام للحياة والمجتمع الذي يعود صلاحه بالخير على كل فرد وكل جماعة فيه وإن خيل إلى بعضهم أن اتباع العقيدة والخلق يفوت بعض الكسب الشخصي، ويضيع بعض الفرص. فإنما يفوت الكسب الخبيث ويضيع الفرص القذرة ويعوض عنهما كسبا طيبا ورزقا حلالا، ومجتمعا متضامنا متعاونا لا حقد فيه ولا غدر ولا خصام! «وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ» .. فهو القادر على إنجاح مسعاي في الإصلاح بما يعلم من نيتي، وبما يجزي على جهدي.
«عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ» .. عليه وحده لا أعتمد على غيره.
«وَإِلَيْهِ أُنِيبُ» .. إليه وحده أرجع فيما يحزبني من الأمور، وإليه وحده أتوجه بنيتي وعملي ومسعاي.
ثم يأخذ بهم في واد آخر من التذكير، فيطل بهم على مصارع قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط:
فقد يفعل هذا في مثل تلك القلوب الجاسية ما لم يفعله التوجيه العقلي اللين الذي يحتاج إلى رشد وتفكير: {وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89)} [هود:89] ..