مكان؟! ماذا تصنع الجاهلية الحاضرة بالناس إلا أن تعريهم من اللباس، وتعريهم من التقوى والحياء؟ ثم تدعو هذا رقيا وحضارة وتجديدا ثم تعير الكاسيات من الحرائر العفيفات المسلمات، بأنهن «رجعيات».
«تقليديات». «ريفيات»! المسخ هو المسخ. والانتكاس عن الفطرة هو الانتكاس. وانقلاب الموازين هو انقلاب الموازين. والتبجح بعد ذلك هو التبجح .. «أَتَواصَوْا بِهِ؟ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ!».
وما الفرق كذلك في علاقة هذا العري، وهذا الانتكاس، وهذه البهيمية، وهذا التبجح، بالشرك، وبالأرباب التي تشرع للناس من دون اللّه؟
لئن كان مشركو العرب قد تلقوا في شأن ذلك التعري من الأرباب الأرضية التي كانت تستغل جهالتهم وتستخف بعقولهم، لضمان السيادة لها في الجزيرة .. ومثلهم بقية الجاهليات القديمة التي تلقت من الكهنة والسدنة والرؤساء .. فإن مشركي اليوم ومشركاته يتلقون في هذا عن الأرباب الأرضية كذلك .. ولا يملكون لأمرهم ردا ..
إن بيوت الأزياء ومصمميها، وأساتذة التجميل ودكاكينها، لهي الأرباب التي تكمن وراء هذا الخبل الذي لا تفيق منه نساء الجاهلية الحاضرة ولا رجالها كذلك! إن هذه الأرباب تصدر أوامرها، فتطيعها القطعان والبهائم العارية في أرجاء الأرض طاعة مزرية! وسواء كان الزي الجديد لهذا العام يناسب قوام أية امرأة أو لا يناسبه، وسواء كانت مراسم التجميل تصلح لها أو لا تصلح، فهي تطيع صاغرة .. تطيع تلك الأرباب. وإلا «عيرت» من بقية البهائم المغلوبة على أمرها! ومن ذا الذي يقبع وراء بيوت الأزياء؟ ووراء دكاكين التجميل؟ ووراء سعار العري والتكشف؟ ووراء الأفلام والصور والروايات والقصص، والمجلات والصحف، التي تقود هذه الحملة المسعورة .. وبعضها يبلغ في هذا إلى حد أن تصبح المجلة أو القصة ماخورا متنقلا للدعارة؟! من الذي يقبع وراء هذا كله؟
الذي يقبع وراء هذه الأجهزة كلها، في العالم كله .. يهود .. يهود يقومون بخصائص الربوبية على البهائم المغلوبة على أمرها! ويبلغون أهدافهم كلها من إطلاق هذه الموجات المسعورة في كل مكان .. أهدافهم من تلهية العالم كله بهذا السعار وإشاعة الانحلال