5 - وأنهم كانوا يسمون ما في بطون بعض الأنعام من الحمل لذكورهم، ويجعلونه محرما على إناثهم. إلا أن ينزل الحمل ميتا فعندئذ يشترك فيه الذكور والإناث! مع نسبة هذه الشريعة المضحكة إلى اللّه: «وَقالُوا: ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا، وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ. سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ» ..

هذه هي مجموعة التصورات والمزاعم والتقاليد التي كانت تصبغ وجه المجتمع العربي في الجاهلية، والتي يتصدى هذا السياق القرآني الطويل - في سورة مكية - للقضاء عليها، وتطهير النفوس والقلوب منها، وإبطالها كذلك في الواقع الاجتماعي.

ولقد سلك السياق القرآني هذا المنهج في خطواته البطيئة الطويلة الدقيقة:

لقد قرر ابتداء خسران الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم اللّه - افتراء على اللّه - وأعلن ضلالهم المطلق في هذه التصورات والمزاعم التي ينسبونها إلى اللّه بغير علم.

ثم لفت أنظارهم إلى أن اللّه هو الذي أنشأ لهم هذه الأموال التي يتصرفون فيها هذه التصرفات .. هو الذي أنشأ لهم جنات معروشات وغير معروشات. وهو الذي خلق لهم هذه الأنعام .. والذي يرزق هو وحده الذي يملك، وهو وحده الذي يشرع للناس فيما رزقهم من هذه الأموال .. وفي هذه اللفتة استخدم حشدا من المؤثرات الموحية من مشاهد الزروع والثمار والجنات المعروشات وغير المعروشات، ومن نعمة اللّه عليهم في الأنعام التي جعل بعضها حمولة لهم يركب ويحمل وبعضها فرشا، يؤكل لحمه ويفرش جلده وصوفه وشعره .. كما استخدم ذكرى العداء المتأصل بين بني آدم والشيطان. فكيف يتبعون خطوات الشيطان، وكيف يستمعون لوسوسته وهو العدو المبين؟! بعد ذلك استعرض في تفصيل شديد سخافة تصوراتهم فيما يختص بالأنعام، وخلوها من كل منطق، وألقى الأضواء على ظلمات التصورات حتى لتبدو تافهة مهلهلة متهافتة .. وفي نهاية هذا الاستعراض يسأل: علام ترتكنون في هذه التشريعات الخالية من كل حجة ومنطق: «أم كنتم شهداء إذ وصاكم اللّه بهذا؟» فكان ذلك سرا تعلمونه أنتم ووصية خاصة بكم! ويشنع بجريمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015