ضد الخمر. ويقدرون ما أنفقته الدولة في الدعاية ضد الخمر بما يزيد على ستين مليونا من الدولارات. وأن ما نشرته من الكتب والنشرات يشتمل على عشرة بلايين صفحة.
وما تحملته في سبيل تنفيذ قانون التحريم في مدة أربعة عشر عاما لا يقل عن 250 مليون جنيه. وقد أعدم فيها 300 نفس وسجن كذلك 335،532 نفسا. وبلغت الغرامات 16 مليون جنيه. وصادرت من الأملاك ما يبلغ 400 مليون وأربعة بلايين جنيه .. وبعد ذلك كله اضطرت إلى التراجع وإلغاء القانون (?).
فأما الإسلام فقضى على هذه الظاهرة العميقة في المجتمع الجاهلي .. ببضع آيات من القرآن.
وهذا هو الفرق في علاج النفس البشرية، وفي علاج المجتمع الإنساني .. بين منهج اللّه، ومناهج الجاهلية قديما وحديثا على السواء! ولكي ندرك تغلغل هذه الظاهرة في المجتمع الجاهلي، يجب أن نعود إلى الشعر الجاهلي حيث نجد «الخمر» عنصرا أساسيا من عناصر المادة الأدبية كما أنه عنصر أساسي من عناصر الحياة كلها.
لقد بلغ من شيوع تجارة الخمر، أن أصبحت كلمة التجارة، مرادفة لبيع الخمر .. يقول لبيد:
قد بت سامرها وغاية تاجر وافيت إذ رفعت وعز مدامها
ويقول عمرو بن قميئة:
إذ أسحب الريط والمروط إلى أدني تجاري وأنفض اللمما
ووصف مجالس الشراب، والمفاخرة بها تزحم الشعر الجاهلي، وتطبعه طابعا ظاهرا.
يقول امرؤ القيس:
وأصبحت ودعت الصبا غير أنني أراقب خلّات من العيش أربعا
فمنهن قولي للندامى: ترفقوا يداجون نشاجا من الخمر مترعا
ومنهن ركض الخيل ترجم بالقنا يبادرن سربا آمنا أن يفزّعا
... إلخ ويقول طرفة بن العبد: