قال تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113]
إن هذه المحاولة ليست إلا واحدة من محاولات كثيرة، شتى الألوان والأنواع مما بذله أعداء هذا الرسول الكريم ليضلوه عن الحق والعدل والصواب. ولكن اللّه - سبحانه - كان يتولاه بفضله ورحمته في كل مرة.
وكان الكائدون المتآمرون هم الذين يضلون ويقعون في الضلالة .. وسيرة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - حافلة بتلك المحاولات ونجاته وهدايته وضلال المتآمرين وخيبتهم.
واللّه - سبحانه - يمتن عليه بفضله ورحمته هذه ويطمئنه في الوقت ذاته أنهم لا يضرونه شيئا. بفضل من اللّه ورحمة.
وبمناسبة المنة في حفظه من هذه المؤامرة الأخيرة وصيانة أحكامه من أن تتعرض لظلم بريء وتبرئة جارم، وكشف الحقيقة له وتعريفه بالمؤامرة .. تجيء المنة الكبرى .. منة الرسالة: «وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ. وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً».
وهي منة اللّه على «الإنسان» في هذه الأرض. المنة التي ولد الإنسان معها ميلادا جديدا. ونشأ بها «الإنسان» كما نشأ أول مرة بنفخة الروح الأولى ..
المنة التي التقطت البشرية من سفح الجاهلية، لترقى بها في الطريق الصاعد، إلى القمة السامقة. عن طريق المنهج الرباني الفريد العجيب ..
المنة التي لا يعرف قدرها إلا الذي عرف الإسلام وعرف الجاهلية - جاهلية الغابر والحاضر - وذاق الإسلام وذاق الجاهلية ..