المعركة الخالدة بين الشيطان والإنسان في هذه الأرض ترتكز ابتداء إلى استدراج الشيطان للإنسان بعيدا عن منهج اللّه والتزيين له فيما عداه. استدراجه إلى الخروج من عبادة اللّه - أي الدينونة له في كل ما شرع من عقيدة وتصور، وشعيرة ونسك، وشريعة ونظام - فأما الذين يدينون له وحده - أي يعبدونه وحده - فليس للشيطان عليهم من سلطان .. «إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ» ..
ومفرق الطريق بين الاتجاه إلى الجنة التي وعد بها المتقون وبين الاتجاه إلى جهنم التي وعد بها الغاوون، هو الدينونة للّه وحده - التي يعبر عنها في القرآن دائما بالعبادة - أو اتباع تزيين الشيطان بالخروج على هذه الدينونة.
والشيطان نفسه لم يكن ينكر وجود اللّه سبحانه، ولا صفاته .. أي إنه لم يكن يلحد في اللّه من ناحية العقيدة! إنما الذي فعله هو الخروج على الدينونة للّه .. وهذا هو ما أورده جهنم هو ومن اتبعه من الغاوين.
إن الدينونة للّه وحده هي مناط الإسلام. فلا قيمة لإسلام يدين أصحابه لغير اللّه في حكم من الأحكام. وسواء كان هذا الحكم خاصا بالاعتقاد والتصور. أو خاصا بالشعائر والمناسك. أو خاصا بالشرائع والقوانين. أو خاصا بالقيم والموازين ... فهو سواء .. الدينونة فيه للّه هي الإسلام. والدينونة فيه لغير اللّه هي الجاهلية الذاهبة مع الشيطان.
ولا يمكن تجزئة هذه الدينونة واختصاصها بالاعتقاد والشعائر دون النظام والشرائع. فالدينونة للّه كل لا يتجزأ. وهي العبادة للّه في معناها اللغوي وفي معناها الاصطلاحي على السواء .. وعليها تدور المعركة الخالدة بين الإنسان والشيطان! (?)