يصبح لدين اللّه وجود. وإقامة ألوهيات أخرى في البلاد التي كانت الألوهية فيها للّه وحده يوم كانت تحكمها شريعة اللّه التي في كتابه ولا تشاركها شريعة أخرى، ولا يوجد إلى جوار كتاب اللّه كتب أخرى، تستمد منها أوضاع المجتمع، وأصول التشريعات، ويرجع إليها ويستشهد بفقراتها كما يستشهد المسلم بكتاب اللّه وآياته! وأهل الكتاب - من صليبيين وصهيونيين - من وراء هذا كله ومن وراء كل وضع وكل حكم يقام لمثل هذه الأهداف الخبيثة! وحين يقرر السياق أن هذا الكتاب أنزله اللّه مفصّلا وأن أهل الكتاب يعلمون أنه منزل من اللّه بالحق، يلتفت إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ومن وراءه من المؤمنين به يهون عليه وعليهم شأن التكذيب والجدل الذي يجدونه من المشركين وشأن الكتمان والجحود الذي يجدونه من بعض أهل الكتاب: «فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ» ..

وما شك رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ولا امترى. ولقد ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - عند ما نزل اللّه عليه: «فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ. لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ» .. قال: «لا أشك، ولا أسأل».

ولكن هذا التوجيه وأمثاله وهذا التثبيت على الحق ونظائره تدل على ضخامة ما كان يلقاه - صلى الله عليه وسلم - والجماعة المسلمة معه من الكيد والعنت والتكذيب والجحود ورحمة اللّه - سبحانه - به وبهم بهذا التوجيه والتثبيت ..

ويمضي السياق في هذا الاتجاه يقرر أن كلمة اللّه الفاصلة قد تمت وأنه لا مبدل لها بفعل الخلق، بالغا ما بلغ كيدهم: «وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» ..

لقد تمت كلمة اللّه - سبحانه - صدقا - فيما قال وقرر - وعدلا - فيما شرع وحكم - فلم يبق بعد ذلك قول لقائل في عقيدة أو تصور أو أصل أو مبدأ أو قيمة أو ميزان. ولم يبق بعد ذلك قول لقائل في شريعة أو حكم، أو عادة أو تقليد .. ولا معقب لحكمه ولا مجير عليه ..

«وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» .. الذي يسمع ما يقوله عباده، ويعلم ما وراءه، كما يعلم ما يصلح لهم، وما يصلحهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015