المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن حمل اللواء من بعده إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الله تعالى قد فضّل القرآن الكريم على سائر الكتب، إذ جعله مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه، ومن وجوه تفضيله ومزاياه ما اختُص به من إنزاله على وجوه القراءات، وتكفل الله بحفظه وترتيله فجاء مُصرَّفاً على أوسع اللغات، وظلّ محروساً من الزيادة والنقصان والتبديل، على مر الزمان وتقلّب الأحوال، وما ذاك إلا دلالةً من دلائل إعجازه وبدائع نظمه.

وقد حظي علم القراءات بعناية كبيرة من العلماء المشتغلين بعلوم القرآن الكريم في مختلف عصور التاريخ الإسلامي، وعدّوه من أشرف العلوم، وأشدها ارتباطاً بكتاب الله - عز وجل -، وقد كثر التصنيف في هذا العلم قديماً وحديثاً، واحتفظت لنا المكتبة الإسلامية بتصانيف شتى في هذا العلم، معظمها لا يزال مخطوطاً، وما نشر منها لم تتوافر لبعضه على وجه الإجمال شروط الدقة والتثبت في التحقيق والدراسة والنشر العلمي، مع محدودية انتشاره في البلاد الإسلامية.

وأكثر الجهود انصبت في العقود الأخيرة على نشر المصنفات المخطوطة في علم القراءات، والتحقيق العلمي لها، لكن الكتابة في تاريخ علم القراءات ظلت محدودة للغاية، ومحصورة في نطاق ضيق، وظل هذا العلم بحاجة إلى كتابة تاريخ مفصل لمراحله التي مر بها عبر التاريخ الإسلامي الطويل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015