ويحيى بن يعمر (?)، والحسن البصري (?)، ونصر بن عاصم الليثي (?)، ولا يمكنك هنا الجزم بنسبة شكل القرآن الكريم إلى واحد من هؤلاء الأربعة؛ إذ هو لم يتمّ بالتأكيد بين يوم وليلة، ولم يصدر عن رجل منهم في غداة فحظي بإجماع الأمة في عشية، بل ظلّ في الناس من يكره ذلك كله وينكره، ومن يدعو إلى تعديله وإصلاحه، ومن يدعو إلى اعتماده، وكان أشهر من يعارض ذلك كله الصحابي الجليل: عبد الله بن مسعود الذي كان يقول: جرّدوا القرآن ولا تخلطوه بشيء (?)؛ بل نقل عن مجاهد من أئمة التابعين أنه كره تطييب المصاحف بالطيب، أو وضع أوراق الورد بين صحائفها، ولكن ذلك الاتّجاه ركن في النهاية إلى ضرورة الشكل في القرآن الكريم، وكان من أول الآراء الواعية الناضجة لذلك رأي الإمام مالك الذي يقول فيه: لا بأس بالنّقط والشكل في المصاحف التي تتعلم فيها العلماء أما الأمهات فلا (?).

ويمكن اختصار وجوه الأقوال بما استقرّ عليه العمل آخر المطاف، وهو فتوى النووي في التبيان بقوله: «قال العلماء: يستحبّ نقط المصحف وشكله، فإنه صيانة من اللحن فيه وتصفية، وأما كراهة الشعبي والنخعي النقط، فإنما كرهها في ذلك الزمان خوفا من التّغيّر فيه، وقد أمن ذلك لكونه محدثا، فإنه من المحدثات الحسنة، فلا يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم، وبناء المدارس، والرّباطات، وغير ذلك» (?).

وقد أوجز السيوطي تاريخ تدوين الشكل بقوله: «كان الشكل في الصّدر الأول نقطا، فالفتحة نقطة على الحرف والضّمة على آخره والكسرة تحت أوله، وعليه مشى الدّاني، والذي اشتهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015