ولا شك أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وفي ذلك قال الحسن البصري رضي الله عنه: «فو الله لئن كانت نزلت في هؤلاء القوم خاصة، إنها لمرسلة إلى يوم القيامة ما نسخها شيء» (?).
والتّثبّت والتّبيّن معنيان متقاربان في المرادف اللغوي، ولكن غلب إطلاق الأول على التّحقّق من الذّوات والشخوص، وغلب إطلاق الثاني على التّحقّق من الأحداث والفعال، وكلاهما من مهمة القاضي العادل.
وقد كان لهذه التوجيهات أعظم الأثر في إصلاح النظام القضائي، وإيجاد قضاء عادل حرّ نزيه في المجتمع الإسلامي.
وأورد لك فيما يلي طرفا من التوجيهات النّبوية التي جاءت مؤكدة لمسئولية القاضي في التّحقّق والتّثبّت والحكم بالعدل.
أخرج الترمذي عن عبد الله بن أبي أوفى؛ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار تخلى عنه، ولزمه الشيطان» (?).
وأخرج أبو داود في سننه عن بريدة بن الحصيب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «القضاة ثلاثة:
واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحقّ وقضى به، ورجل عرف الحقّ فجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النّار» (?).
وفي بيان عظيم مسئولية القاضي قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من جعل قاضيا بين الناس، فقد ذبح بغير سكين» (?).