يرهب بها على المحلوف له، كقوله صلّى الله عليه وسلّم لليهود: والله الذي لا إله إلّا هو، فأرهب عليهم بالتوحيد؛ لاعتقادهم أن عزيرا ابن الله.

والذي يتحصل من ذلك أنّ التشديد على وجه صحيح، فإن المرء يعقد على المعنى بالقصد إليه، ثم يؤكد الحلف بقصد آخر، فهذا هو العقد الثاني الذي حصل به التكرار أو التأكيد، بخلاف اللغو فإنه قصد اليمين، وفاته التأكيد بالقصد الصحيح إلى المحلوف عليه» (?).

وثمرة الخلاف:

تظهر في إعمال القراءات المتواترة الثلاثة إذ لا يجوز إهمال أيّ منها، فيثبت بذلك أن المؤاخذة تكون من الله عزّ وجلّ في الأيمان المنعقدة، سواء عقدها الحالف مرة واحدة، وهو مقتضى قراءة التخفيف، أو كررها ووكّدها، وهو مقتضى قراءة التضعيف، أو تواثق بها مع شركائه ونظرائه، فكان عقدها اشتراكا بين اثنين، وهي قراءة عاقدتم.

ففي كلّ كفارة على الحانث، وتأثيم على الناكث، إلا إلى معروف (?).

لكن روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن التشديد يقتضي التكرار، فلا تجب الكفارة إلا إذا كرر، وهذا يردّه قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «إني- والله-، إن شاء الله- لا أحلف على يمين، فأجد غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير، وكفّرت عن يميني» فذكر وجوب الكفارة في اليمين التي لم تتكرر (?).

ولكن لا حاجة إلى الاستدلال بذلك بعد ثبوت تواتر القراءة؛ إلا لمن لم يفهم معنى التكرار من تضعيف الفعل في هذا المقام.

كما إن رفع القول هذا إلى ابن عمر محل ريبة، فقد قال ابن العربي المالكي: ما روي عن ابن عمر أنه محمول على التكرار قول لم يصح عندي لضعفه. ثم أورد الحديث السالف في الرّد على الرواية (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015