الإجماع أنه لا ينعقد (?)، وعدم انعقاده شيء، ومنع التّلفظ به شيء آخر، وفرق كبير بين المسألتين.
إلى ذلك فقد روى الشيخان وأحمد عن طلحة بن عبيد الله أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم: أتاه أعرابي فسأله مسائل ... فلما انصرف قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «أفلح وأبيه إن صدق» (?).
واستدلوا لذلك بما جاء في القرآن من قسم بالنّبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله سبحانه:
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [الحجر: 15/ 72].
وكذلك في قوله: وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس: 36/ 2].
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا* فَالزَّاجِراتِ زَجْراً* فَالتَّالِياتِ ذِكْراً [الصّافّات: 37/ 1 - 3].
وَالذَّارِياتِ ذَرْواً* فَالْحامِلاتِ وِقْراً* فَالْجارِياتِ يُسْراً [الذّاريات: 51/ 1 - 3].
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ* وَطُورِ سِينِينَ* وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ [التّين: 95/ 1 - 3].
ومثل ذلك في القرآن كثير، ولم يرد مخصص ظاهر في هذا السبيل، وفي حديث أبي العشراء قال صلّى الله عليه وسلّم: «وأبيك .. لو طعنت في فخذها لأجزأك» (?).
ولكن الفقهاء يرون أن المخصّص هو السّنة، فقد ثبت في الصحيحين أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أدرك عمر بن الخطاب في ركب، وعمر يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» (?)، وهذا حصر في عدم الحلف بكل شيء سوى الله تعالى وأسمائه وصفاته.
وأجابوا عن قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أفلح وأبيه إن صدق» بأنه ورد قبل النهي عن الحلف بالآباء، وكذلك حديث أبي العشراء (?).