وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا، قال: نزلت هذه الآية، فتوارثت المسلمون بالهجرة، فكان لا يرث الأعرابي المسلم من المهاجر المسلم
شيئا، حتى نسخ بعد في سورة الأحزاب: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ [الأنفال: 8/ 75]، فخلط الله بعضهم ببعض، وصارت المواريث بالملل (?).
وبمثل هذه الرواية جمع السيوطي في الدّر المنثور روايات عن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي عبيدة، وأبي داود، وابن أبي حاتم (?).
وأما القراءة بالفتح فإن الغالب ورودها بمعنى النصرة، ولكن جمهور المفسرين اختاروا أنها بمعنى الإرث لوجوه ثلاثة:
أولها: أن سياق الآيات إنما هو في قضايا تتصل بالإرث، وقد جاءت الآية الخاتمة في السورة بردّ الإرث إلى أولي الأرحام، بقوله تعالى: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ [الأنفال: 8/ 75].
ثانيها: لو كانت الآية بمعنى النّصرة لوجب أن تكون: (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لهم من ولايتكم من شيء)، إذ هي خطاب تكليفي للمؤمنين، فلما جاءت الصيغة عكس ذلك؛ دلّ على أنها في غير النّصرة ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ.
ثالثها: الرواية عن الصحابة، وقد قدمت لك طرفا مما جمعه السيوطي في ذلك (?)، وأنها نزلت فيما كان من التوارث بين المؤمنين، فنسخ بردّ المواريث إلى القرابات.
ومع ذلك فقد اختار أبو بكر الأصم أن الآية محكمة غير منسوخة، وأن المراد بالولاية النّصرة والمظاهرة (?).
ونقل القرطبي نقلا غير معزو لأحد أنه ليس في الآية نسخ، إنما هي بمعنى النّصرة والمعونة (?).