الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر باسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا. والصلاة والسلام على من أنزل عليه يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً، وعلى آله وصحبه الذين هم: رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا وعلى أتباعهم ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين.
وبعد فقد ترك عندي الأخ الكريم. الصالح المستقيم. رسالته التي قدمها لحيازة الشهادة العالمية العالية التي تسمى (الدكتوراة) لأطلع عليها، فأنا شاكر له على حسن ظنه بي وحسن اختياره لموضوع الرسالة، فإنه موضوع جدير بأن ينشر بيد أمينة تقية نقية. تخشى الله، ولا يستهويها ما سواه، لأن النشر الإعلامي والكتابي أصبح في متناول الأيدي المختلفة: ومن الناس من يدس الدسائس، ويتلقط الشبه فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ، ومنهم من يتحامل على حملة القرآن. وهم أهل الله وأشراف أهل رسوله، فينكر عليهم التزامهم بما أخذوه بالسند الصحيح المتصل، وتقيدهم بما تلقوه من الشيوخ الثقات، ويعد ذلك من إضاعة الوقت، والتفريط بالجهود والملكات، ذاهلا عن أن الله شرفهم بخدمة كتابه المجيد، تحقيقا لقوله سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ زاعما أن هذه الخدمة من الأشياء التقليدية الموروثة. وليس لها أصل ثابت، ناسيا قوله تعالى: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ، وقوله سبحانه: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ
تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
، وقوله جل جلاله: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ* وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً، ويرى هذا القائل أن الاشتغال بغير ما أقامهم الله به واختاره لهم أجدى وأولى جهلا منه بالحقيقة. ومن جهل شيئا عاداه كما أن من لم يدرس الفقه الإسلامي ويطلع على تمحيص مسائله، ودعم أحكامه بالأدلة الصحيحة، يعيب على الفقهاء دراستهم للفقه، وعنايتهم بفهم الأحكام الثابتة، متناسيا حاجة بل اضطرار المجتمع الإسلامي بل