ومع تقرير النحاس في إعراب القرآن أن هذا الوجه لا يوجبه الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى مع موافقة القرطبي له في ذلك، غير أن ذلك لا يعني عدم وجوبه، فقد أوجبته ثلاثة أشياء:

ثبوت التواتر وموافقة الرسم وموافقة وجه من العربية، وحيث تمّ ذلك كله كما حققه ابن مجاهد في السبعة (?)، والجزري في النشر (?)؛ وجب المصير إليه والتماس تأويله.

ولعل أقرب الوجوه إلى الدلالة على إسناد (يخافا) إلى الغيبة، هو ما عطفت به الآية في قوله سبحانه: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ والخطاب كما ترى للحكام والمتوسطين في هذا الأمر إن لم يكن حاكما، وقد سمّى حسن العشرة حُدُودَ اللَّهِ إعظاما لها أن تهجر أو تهمل.

ويجب التّنويه هنا إلى أن الخلع لا يحتاج إلى قاض في إيقاعه (?)، فإذا اتّفق الزوجان على المخالعة لم يكن للقضاء أن يقبل أو يرفض، ولكن: هل يملك القاضي الخلع على الزوج إن طلبت الزوجة ورفض الزوج؟

هذا ما اختاره الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وابن سيرين، ودليلهم على ذلك قراءة حمزة، وأبي جعفر، ويعقوب، وكذلك حمل الأحاديث الواردة في معنى المخالعة على ذلك إذ ليس في سائرها توضيح لإقرار الزوج بإيقاع المخالعة، بل ورد فيها أمره صلّى الله عليه وسلّم للزوج بإجراء المخالعة.

عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت:

يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015