المسألة الثانية:

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام: 6/ 159].

قرأ حمزة، والكسائي: (إنّ الذين فارقوا) بالألف، وفي الروم أيضا. ومعنى (فارقوا) أي: زايلوا. وقد روي أن رجلا قرأ عند علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ ... فقال عليّ: «لا والله ما فرّقوه، ولكن فارقوه» (?)، ثم قرأ: (إنّ الذين فارقوا دينهم) أي: تركوا دينهم الحق الذي أمرهم الله باتّباعه، ودعاهم إليه.

وقرأ الباقون: فَرَّقُوا دِينَهُمْ من التّفريق. تقول: فرّقت المال تفريقا، وحجتهم قوله بعد: وَكانُوا شِيَعاً أي صاروا أحزابا وفرقا.

وقد نقل أبو زرعة عن عبد الوارث (?) قوله: وتصديقها قوله: كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ يدلّك على أنهم صاروا أحزابا وفرقا، والمعنيان متقاربان لأنّهم إذا فرّقوا الدّين فقد فارقوه (?).

وثمرة الخلاف:

بيان شؤم مفارقة الجماعة والتّشيّع لغير كتاب الله، فقد سمى القرآن هذا السلوك تفريقا للدين- في قراءة- ومفارقة للدّين- في قراءة أخرى- فكانت القراءة بالقراءتين جميعا أوزع في النفوس، وأذهب للهوى، وأدعى إلى اجتماع الشّمل، ونبذ التّحزّب والفرقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015