الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة» (?).
وكان من دعاء النّبي صلّى الله عليه وسلّم عند الكرب: «لا إله إلا الله العليم الحليم، لا إله إلا الله ربّ العرش العظيم، لا إله إلا الله ربّ السماوات وربّ الأرض وربّ العرش الكريم» (?).
وقد اشتهر الجدل بين علماء الكلام قديما في طبيعة العرش، وهل هو مكان الله كما يقول بعض أهل التّفويض، أم هو اسم لملكوته سبحانه كما يقول أهل التأويل الذين ينزهون الله سبحانه عن المكان (?).
وبسط الأدلة في هذه المسألة يطول حتى يخرج البحث عن وجهته، وأكتفي هنا بإيراد دفع قاضي القضاة، عماد الدين عبد الجبار بن أحمد لدلالة هذه الآية على صفة المكان فقال: ذو العرش المجيد لا يدل على قول المشبهة في أن العرش مكانه (?)، لأن هذه الإضافة تصح في فعله كما تصحّ في المكان.
ولو شاء الله سبحانه لقطع الجدل في ذلك وجعل الناس أمة واحدة، وأنزل نصوصا لا تقبل التأويل، فالمسألة في النهاية مسألة نصوص، فمن توقف في أمر الجهة فإنه لم يستند إلى هوى بل ثمة نصوص قرآنية كثيرة في ذلك منها على سبيل المثال:
إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران: 3/ 129].
ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ، وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا [المجادلة: 58/ 7].
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ [الواقعة: 56/ 85].