قوله تعالى: وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ [التكوير: 81/ 24].
قرأها ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي، ورويس: (وما هو على الغيب بظنين) (?)، من الظّن والتّهمة.
وقرأ الباقون: وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (?) من البخل.
ففي قراءة ابن كثير وأصحابه نفى الله سبحانه عن نبيّه الكريم صلّى الله عليه وسلّم تهمة الوهن والظّن، فيما يبلغه للعباد من أمر الغيب والوحي. وظنين، صيغة (فعيل)، من ظنّ، جاءت اسم فاعل، خلافا للقياس في نظائرها: منّ، وحنّ، وأنّ؛ حيث اسم فاعلها حنّان، ومنّان، وأنّان.
وفي قراءة الباقين نفى الله سبحانه عن نبيّه الكريم صلّى الله عليه وسلّم تهمة كتم شيء من الوحي، فأخبر أن ما هو على الغيب بضنين، من البخل، ويدلّ له قول السيدة عائشة رضي الله عنها لابن أختها عروة: أين أنت من ثلاث من حدثك بهن فقد كذب ... ومن حدثك أنه كتم شيئا من الوحي فقد كذب (?).
وذلك كله من أصول العقيدة يدلّ له العقل، ويدلّ له النقل في مواطن كثيرة، وتزيده هذه الآية توكيدا على توكيد.
أنه يلزم المكلّف اعتقاد سلامة النّبي صلّى الله عليه وسلّم من أمرين اثنين: من الضّن بالغيب، ومن الظّن بالغيب، فهو لم يكتم شيئا مما أوحي إليه، وكذلك لم يتلقّ ما تلقّى ظانّا، ولا واهما، وإنما تلقّاه بيقين، وأدّاه بيقين. ولم يكن لك أن تدرك المعنيين جميعا لولا ما تواتر من القراءة الصحيحة.