ويتأكد هنا أن دلالة قراءة الجمهور على أن الميثاق نعمة نالها الأنبياء ببركة وفائهم بعهد الله، لا ينبغي أن يقودنا إلى تصوّر أن النّبوّات تتأتى عن طريق الكسب والسعي، فهذا خلاف المقرر في عقيدة الحق:

ولم تكن نبوّة مكتسبة ... ولو رقى في الخير أعلى عقبة

بل ذاك فضل الله يؤتيه لمن ... يشاء جلّ الله واهب المنن (?)

بل هو إعداد الله سبحانه لمن سبق أن اختارهم بعلمه وفضله، رسلا مبشّرين ومنذرين، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

المسألة الرابعة:

قوله تعالى: وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ [آل عمران: 3/ 115].

قرأ حمزة، والكسائي، وحفص، وخلف: وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ بالياء فيهما.

وحجتهم قوله قبلها: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ* يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ .. الآية [آل عمران: 3/ 113 - 114]. وكذلك: وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ أي هؤلاء المذكورون وسائر الخلق داخل معهم.

وقرأ الباقون بالتاء فيهما. وحجتهم قوله قبلها: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: 3/ 110].

(وما تفعلوا من خير فلن تكفروه) أيها المخاطبون بهذا الخطاب (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015