وفي رواية: «إن القرآن لا يليه من جبار فيعمل بغيره إلا قصمه الله، ولا يبتغي علما سواه إلا أضلّه الله، ولا يخلق عن ردّه، وهو الذي لا تفنى عجائبه، من يقل به صدق، ومن يحكم به يعدل، ومن يعمل به يؤجر، ومن يقسم به يقسط» (?).

وفي رواية: «كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، ونبأ ما هو كائن بعدكم، وفيه الحكم بينكم، وهو حبل الله المتين، وهو النور المبين، وهو الصراط المستقيم، وهو الشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتّبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب» (?).

وقد أجمع العلماء على مبدأ عصمة النّص القرآني من الزّيغ والعبث والأهواء، وأيقن الباحثون أن النّص الذي تنزل به جبريل الأمين على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو النّص عينه الذي قرأه الناس في القرون الخالية وهو الذي يقرؤه الناس اليوم.

ومع أن كثيرا من الباحثين الغربيين تناولوا بالنقد والتحليل والجرأة سلامة النصوص المقدسة، وجزموا بتحريف كثير منها، غير أنهم لم يطالوا بنقدهم سلامة النّص القرآني إلا ما كان من بعض أصحاب الهوى الذين لم يجدوا من يهتم بأقوالهم وأفكارهم التي تفتقر إلى أدنى درجات التحقيق العلمي.

ولعل أوضح تجربة معاصرة في هذا الاتجاه هي ذلك البحث العلمي الرصين الذي قام به المفكر الفرنسي (موريس بوكاي) تحت عنوان: دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة، والذي انتهى من خلاله- وعلى طريقة البحث الموضوعي المجرد- إلى إثبات التحريف في التوراة والإنجيل، ثم إثبات سلامة النّص القرآني من أي تبديل أو تحريف أو تغيير. وقد لخّص (موريس بوكاي) نتيجة بحثه بقوله:

«إن لتنزيل القرآن تاريخا يختلف تماما عن تاريخ العهد القديم والأناجيل. فتنزيله يمتدّ على مدى عشرين عاما تقريبا، وبمجرد نزول جبريل به على النّبي صلّى الله عليه وسلّم كان المؤمنون يحفظونه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015