البصر فهو أخو البصيرة يكشف جملاً من المشاهدات ويلقي إلى القلب فنوناً من المعلومات بواسطة الألوان ويعضد السمع كما يعضده ويسترفد كل واحد منهما أخاه فيرفده فإن عدم أحدهما فإن كان المعدوم هو السمع فلا خلاف في جواز الشهادة بما يلقية البصر.
وإن عدم البصر فاختلف الناس في شهادة ما يلقيه السمع فجمهور العلماء على أن شهادة الأعمى جائزة وقال أبو حنيفه لا تجوز شهادة الأعمى لاشتباه الأصوات ووجود المحاكاة التي يعسر الفصل فيها إلا على من عاين المحاكي (?) وهي مسألة عسرة جداً تهاون العلماء بها وهي معضلة وقد بيناها في مسائل الخلاف واعتض العلماء من الفقهاء والمحدثين بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم) (?) فربط النبي - صلى الله عليه وسلم - الحل والحرمة بسماع الصوت المعهود وفرق علماء الحنفية بينهما بفرق عظيم وهو أن الأذان ليس بموضع للتلبس والحيلة والشهادة معدن ذلك وقال علماؤنا إن المحاكاة التي يعسر الفرق فيها إنما تكون في الكلمة أو الكلمتين فأما سرد القول فلا يكاد يخفي الفرق بين التحكية والحقيقة ولذلك يقال للأعمى لاتقنع في تحمل الشهادة بقول نعم حتى يصف المسألة بأن يقول بايعت ونكحت وليرددها فحينئذ يرتفع اللبس ويظهر الفرق.
وأما شهالة السماع فإنها معلومة وهي على ضربين خاصة فيما تسمعه وتشاهده وعامة فيما تسمعه ولا تشاهده وقد اختلف العلماء في هذا القسم من شهادة السماع اختلافاً كثيراً بيناه في مسائل الخلاف كما اختلفوا في الأحكام التي ثبتت بشهادة السماع وما توسع فيها أحد توسع المالكية وقد جمعناها على رأيهم فألفيناها كثيرة الحاضر الآن منها في الخاطر خمسة وعشرون حكماً: الأحباس، الملك المتقادم، الولاء، النسب، الموت، الولاية، العزلة، العدالة، الجرحة وقال سحنون فيها لا تجوز قال علماؤنا وذلك إذا لم يدرك زمان المجرح والمعدل فإن أدرك زمانه لم يقع ذلك إلا على العلم، الإسلام، أو