بعض العلماء وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو أراد إجراء الربا في كل مال لذكر مالًا واحداً منها فيدل به على غيره أو ذكر من كل نوع مالًا بأن يذكر من المقتات شيئًا ومن المدخر شيئًا ومن الملبوس شيئًا فأما أن يقصد كل مالٍ ولا يذكر منه إلّا أنواع المقتاتِ فهذا ناءٍ عن الفصاحة قصىٌّ عن الحكمةِ ولكنه ذكر الذهب والفضة لأنهما أثمان الأموال وقيم المتلفات جعلهما الله تعالى في الأرض معيارًا لمقادير الأموال المنتفع بأعيانهما وهما لا ينتفع بذايتهما. وذكر البر تنبيهاً علي ما يقتات به في حال الاختيار والسعة، وذكر الشعير تنبيهًا على ما يقتات في حال الضيق والضرورة، وذكر التمر تنبيهًا على ما يقتات تحليًا وتفكهًا، وذكر الملح تنبيهًا على ما يقتات مصلحًا للقوتِ كالافادة (?) والأبازير. وجعل هذا الحكم وهو تحريم الربا مقرونًا بالجنس الذي تعظم عنده الحاجة ويقوى معها الطمع كما جعل الجنس علةً في تحريم النساء في الأموال كلها أو بعضها على اختلافٍ يأتي بيانه إن شاء الله. وأما حديث ابن عباس في السلم (?) فإن البيع شرعه الله تعالى معين في الحال ومضمون في الذمة لما حكم بإنزال الرزق بقدرٍ معلم ووضع أيدي الخلق عليه على مقدارٍ متفاوتٍ ولم يجعل عند كل أحد كل ما يحتاج إليه، فقسم الحاجات على المحاويج وأحوج بعضهم إلى الأخذ من البعض ليبلوهم أيهم أعمل بالقانون وأهدى إلى الطريق. وقد يحتاج أحد المتعاملين إلى ما عند الآخر ولا يحضره الثمن وقد يحتاج الآخر الثمن ولا يحضره العين المنتفع بها فأذن في التأخير فيهما ولكن بشرط العلم وتقييد الغائب بالصفات التي تحضره حتى يكون كأنه حاضر وذلك وارد في الثمار خبرًا كما رويناه آنفاً عامٌ في جميع الأموال باتفاقٍ من العلماء ما عدا الحيوان فإنهم اختلفوا فيه فقال أبو حنيفة: لا يعقد على الحيوان بصفةٍ لتفاوت أحواله في صفاته (?) وخصوصًا الآدمي الذي فيه من التفاوتِ ما لا يحويه حصر ولذلك قال شاعرهم: