تعالي على أن الإكراه يلغي الفعل شرعاً ويجعل وجوده وعدمه سواء، قال الله تعالى: {إلَّا مَنْ اكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِن بِالإيمَانِ} (?).
واتفق الناس في الأيمان واختلفوا في الطلاق فقال أهل العراق: إن الإكراه على الطلاق لا يسقط حكمه (?)، وهي مسألة عسرة جداً وللخصم فيها قوة، فإن المُكْره على الطلاق قد قصد إلى إيقاع الطلاق لتخليص نفسه ولم يبقَ إلا أنه لم يكن ذلك القصد إلى رضاه وعدم الرضا لا يؤثر في إلغاء الطلاق، كما لو هو هزل فطلَّق فإنه يلزمه الطلاق بما قصد إليه وإن لم يكن راضياً به، وعدّتنا نحن قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -: "إنمَا الأعْمالُ بِالنَّيَّاتِ" (?)، والمكره لم ينوِ الطلاق فصار لفظاً دون نية، فكان بمنزلة ما لو أراد أن يقول لزوجته اسقني ماء، فقال لها: أنت طالق، فإنه لا يقع عليها الطلاق إجماعاً لأنه وجد لفظ من غير نية، فأما الهازل فإنه راض بالطلاق مصرف لقوله بالهزل باختياره فأخذ بذلك.
لا فرق بين أن يقول الرجل لزوجته برئت منك، أو بريت مني، أو أنت طالق، أو أنا منك طالق، في أنه يقع الطلاق عليها في الوجهين، وبه قال الشافعي (?)، وقال أبو حنيفة: إذا قال لها: أنا منك طالق، لم يقع الطلاق لأن الزوج غير محبوس في النكاح وإنما المحبوس بالنكاح الزوجة، فإذا طلَّق نفسه فكأنه أطلق من لم يقيد (?) وهذا لا يصح من طرفين:
أحدهما: أن الزوج محبوس أيضًا بالنكاح عن أخت الزوجة وعمتها وخالتها وعما زاد