له لفظ آخر سوى هذين أم لا، وقد بيَّنا ذلك في مواضعه، وأشرنا إليه ههنا في حديث الموهوبة (?). وسمّى الله أيضاً الطلاق في القرآن بثلاثة أسماء: الطلاق (?) والفراق (?) والسراح (?)، واختلف العلماء في ألفاظ الطلاق صريحاً وكناية، فقال الشافعي: الصريح ما ورد في القرآن، والكناية ما عداه (?). واختلف علماؤنا في ذلك فقال القاضي عبد الوهاب (?): الصريح لفظ الطلاق (?) وحده، وقال القاضي أبو الحسن (?): الصريح لفظ الطلاق والفراق والحرام والخليَّة والبريَّة، وتحقيق القول في ذلك يرجع إلى فصلين:
أحدهما: يرجع إلى تحقيق لفظ الصريح هو الخالص في الدلالة على الشيء، الذي لا يحتمل سواه، مأخوذ من اللبن الصريح وهو الذي لم يشبه شيء، بناء على ما بيناه في أصول الفقه من أن المعقول من الألفاظ يتبع المحسوس.
والثاني: إنه إنما يفتقر إلى الفرق بين الصريح والكناية بحرف واحد؛ وهو أن الصريح مالا ينوي فيه الحالف، والكناية ما ينوي فيه، وإذا ثبت هذا وتحققتموه فقول القاضي أي محمَّد هو صريح مذهب مالك؛ لأن مالكاً ينوي في الخليَّة والبريَّة وحبلك على غاربك، وهي من الصريح في عرف الطلاق فدل على أن الصريح عنده لفظ الطلاق خاصة الذي ليس فيه احتمال والذي وقع شرعاً وعرفاً عليه، ألا ترى إلى قول عمر (لِلرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لإِمْرَأتِهِ: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكَ مَا أَرَدْت فَقَالَ لَهُ: أَرَدْت الْفُرَاقَ فَنَوَاهُ فِيهَا) (?)،