العقد وذلك على المخدرة (?) البلهاء الخفرة، وحالة يعقد الرجل فيها على النساء عند رضاهن بذلك وطلبهن له، وهن الثيبات البوالغ المجربات، وألحق مالك، رضي الله عنه، في بعض الروايات، المعنَّسات (?)، بالثيبات لأنهن قد علمن من ذلك بطول العمر وكثرة السماع ما يعلمه الأيامى، وخصص هذه العمومات بهذا القياس، وكذلك، رضي الله عنه، يري تخصيص العموم بالقياس والمصلحة، وقال في رواية أخرى: الْمُعَنَّسَةُ كَالْبِكْرِ (?) حَتى تُخْتَبَر، وهذه الرواية هي الصحيحة في النظر فليس الخبر كالمعاينة، وليس عند المعنسة من أمور النكاح بالسماع إلا ما عند العنّين، فعلى هذه الرواية فليعول ويعتضد بما أعضده به مالك، رضي الله عنه، من قضاء عمر، رضي الله عنه، حين قال: (لَا تُنْكَحُ الْمَرْأةُ إلَّا بِإذْنِ وَلِّيِها أَوْ ذي الرأَي مِنْ أَهْلِهَا أوِ السَّلْطَانِ) (?).
فأراد بقوله (وَليِّهَا) الأدنى، وأراد بقوله (في الرَّأَي مِنْ أهْلِهَا) الأبعد، وأراد بقوله (السُّلْطَانِ) كل امرأة لا وليّ لها. واختلف قول علمائنا بالمراد بالأهلية على ثلاثة أقوال: فقيل ما وقع الاشتراك به في البطن كعبد الدار وهاشم، وقيل ما وقع به الاشتراك في العشيرة كقصي، وقيل ما وقع الاشتراك به في القبيلة ككنانة وقريش، وقيل ما كان من العصبة (?)، وبه أقول، وتحقيق ذلك في مسائل الخلاف. وأما كان النكاح بيد الولي في القسمين جميعاً، شرع الله تعالى الإذن في البكر مستحباً لذي الشفقة المتناهية، وهو الأب، وواجباً في حق الثيِّب لكل أحد، ولوروده على هذين الوجهين ما أبهم به مالك الباب فقال: باب استئذان الأيم والبكر في أنفسهما، ولم يقل باب وجوب الاستئذان، ولا باب استحبابه،