عنه، خارج عن قانون الشريعة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أمْرُنَا فَهُوَ ردٌّ" (?)، ومنهم من قال: أركان العقد سليمة من الفساد والمتعاقدان والولي والصداق، وإنما المعنى الذي نُهي عنه من غير شرط العقد، قالوا: ومتى ما وقع النهي في العقود على هذا النحو منع منها فإن وقعت مضت إما بنفس العقد وإما بالقوة في الدخول على حسب حال النهي، والسبب الذي نُهي عنه لأجله حسب ما تتعارض فيه الأدلة ويتبين في أعيان المسائل، وقد ذكر مالك، رضي الله عنه، في معرض تخصيص النهي بالخطبة التعريض بخطبة المعتدة، وهو كل قول يفهم منه المقصود حالاً، ولا يفهم من التصريح في المقال، كقول ابن القاسم المروي في الموطأ وأشدّه قوله: (إنَّي فِيكِ لَرَاغِبٌ) (?)، ولكنه لمَّا لم يكن فيه للنكاح ذكرٌ جاز، وهذه رخصة لا يقاس عليها ولا تعلق للمخالفين في احتجاجهم على تعليق الحكم بالألفاظ دون المعاني رداً على مالك، رضي الله عنه, لأنه لا يقاس على مخصوص، ولا يقاس منصوص على منصوص؛ لأن في القياس على المخصوص إبطال الخصوص، وفي قياس المنصوص على المنصوص إبطال النصوص.
نكتة: أما خلق الله الذكر والأنثى لبقاء النسل وركب الشهوة في الجبلَّة تيسيراً لذلك وتحريضاً عليه حجزه عن مطلق العمل بمقتضاها في الآدميين بالتكليف، وأرسله فيما عداهم لعدم التكليف .. والباري تعالى غني عن العالمين، فنظَّمه بروابط ورتَّبه على شرائط اختلف العلماء فيها اختلافاً كثيراً، أصولها عند علمائنا خمسة: المتعاقدان المتأهلان لذلك، والصداق الذي يصلح أن يكون صداقاً، والولي للزوجة الذي يتولى العقد والإعلان المفرق بينه وبين السفاح، فلم يجعل الله تعالى العقد إلى المرأة أولاً مخافة أن تغلب شهوتها عقلها فتضع نفسها في غير موضعها، كما لم يجعل الطلاق إليها آخراً لفضل القوامة في الرجل، ولأنه لا يؤمن أيضاً من تفاهتها أن تنبذ زوجها عند رؤيتها غيره كنبذها لنعلها قال الله تعالى {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} (?)، فخاطب الأولياء بالأمر بالنكاح في موضعه، كما خاطبهم بالنهي عند تعدي الأمر، فقال تعالى {فَلاَ تَعْضُلُوهُن أنْ