لأصحابه: إذا حلف رجل بالطلاق على أمر يظنه لشيء فخرج بخلافه ما يلزمه، قالوا له: لا شيء عليه لأنه هذه لغو اليمين عند مالك، رضي الله عنه، قال: أخطأتم، إنما يكون لغو اليمين في اليمين بالله تعالى لا في اليمين بالطلاق. فأما اليمين الغموس فهي عند (ح) من جملة اللغو لأنها غير منعقدة (?)، فأما مالك، رضي الله عنه، فرأى سقوط الكفارة فيها من جهة عظم إثمها، وهو إن كان أشار إلى ذلك إلى آخر كلامه (?) فإنما أوَّله مبني على عقد اليمين واليمين عقد يفتقر إلى معقود به ومعقود في نفسه، فإذا كذب لم يكن هناك معقود فلا يكون هنالك عقد، فإن قيل فقد قصدها بقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (?) الآية، وهذا قد كسبها. قلنا: كسب الكذب ولم يكسب بالعقد بالآية؛ إذ أخبر أنه فعل أمس ولم يفعل فهذا خبر لا مخبر له، فإذا حلف عليه فقد عقد ما لا ينعقد، فإن قيل عقد إظهار الصدق، قلنا قد بيَّنا أنه لا معوَّل على اللفظ وإنما المعوَّل على ما يرتبطه القلب، وقد استوفينا ذلك في مسائل الخلاف ولما علم الله تعالى أن اليمين يرتبط وأن الخلق يتهافتون إليها سراعاً جعل منها مخرجاً بالاستثناء وهو على وجهين: إما بحروفه وإما بقولك إن شاء الله. فإن كان بحروفه جرى على مقتضى اللغة، وإن كان جرى بمشيئة الله تعالى انحلت اليمين عند كافة الفقهاء كيفما ذكرها، وقال مالك، رضي الله عنه: إنها لا تنحل إلا إذا قصد بذلك الحل؛ لأن مشيئة الله تعالى متعلقة بكل موجود ذكرها الحالف أو تركها فلا بدّ من قصده إلى الاستثناء (?) بها، ومتى يقع الاستثناء قال سائر العلماء، عن بكرة أبيهم: يكون الاستثناء بعد اليمين نسقاً لا يكون بينهما من الفصل ما يقطع الاتصال، وذهب محمَّد بن المواز (?) إلى أن الاستثناء إنما يكون قبل أن يتم اليمين، فإن تمت ثم عقبها بالاستثناء لم تنحلّ، وهذا حرج عظيم، بل رخَّص الله تعالى في حلها بالاستثناء بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015