النذر هو التزام في الذمة (بالفول) (?) لما لا يلزم من القرب بإجماع من الأمة، ويلزم بالنية عند علمائنا خاصة (?) دون غيرهم من العلماء، والعمدة في ذلك أن الالتزام إنما يكون بالعقد في القلب والقول في النفس. فما يخص به المرء ولا يتعداه إلى غيره يلزمه ذلك فيه، وإنما يحتاج إلى القول أو الكتاب فيما يتعلق بسواه ويدور بينه وبين غيره، وهذا أصل لا تزعزعه الاعتراضات لأنه من أوضح الدلالات، وعليه عوَّل مالك، رضي الله عنه، حين قال فيمن التزم الطلاق بقلبه إنه يلزمه، قال كما يكون مؤمناً بقلبه (?) وكافراً بقلبه، ومن عداه من أصحابه لم يروِ عنه خلاف هذا؛ فإن ابن القاسم (?) قد قال من غير خلاف إذا قال الرجل لزوجته أسقني ماء ونوى الطلاق يلزمه، وليس هذا اللفظ بصريح ولا كناية ولا مجاز ولا حقيقة؛ فكأنه يلزمه ما عقد بقلبه ولا يبالي عن لفظه، وبهذا تنتظم الروايات والأصل فيه الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
أما الكتاب فهو تنبيه جلي قال الله تعالى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} (?).
وأما السنة فذلك بنص عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ الله فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ" (?) أخرجه البخاري وغيره، وحديث أم سعد المتفق عليه: