بشيء من ذلك. رواه أشهب عن مالك، رضي الله عنه، نصاً ونقله عنه جميع أصحابه تنبيهاً فيمن قال لزوجته أسقني ماء وأراد الطلاق فإنه يلزمه بإجماع (?) منهم، وقوله أسقني ماء ليس بصريح ولا بكناية فهو بمنزلة الإشارة فلا يقع الطلاق حينئذ إلا بمجرد النية ..
ألا ترى إلى اتفاق الأمة على أنه لو قال لزوجته أنت طالق، ويريد بذلك من وثاق أنه لا يلزمه شيء .. وأما وجوب النية فيه فباتفاق لأنه عبادة (?).
وأما الصوم فليس لأحد من علمائنا على وجوب الصوم دليل به إحتفال وأكثر ما عوّل عليه مالك، رضي الله عنه، قول الله تعالى {أَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (?) .. فخاطب بذلك الصائمين، وهذا لا حجَّة فيه لأنه خطاب خرج عن (?) حال فلا يلزم أن يكون شرطاً في جميع الأحوال، وقد اعتكف النبي - صلى الله عليه وسلم -، عشراً من شوال (?)، ولم يذكر فعل الصيام ولا تركه .. والمسألة عسرة المأخذ (?) في الشريعة وليس له عندي سبيل إلا ما أومأنا إليه في مسائل الخلاف من أن الاعتكاف هو ملازمة المسجد بالنيّة، فالنية تقطع قلبه عن الدنيا وعلائقها والمسجد يمنع بدنه من الاشتغال بأشغالها لأن المساجد {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (?)، ليس فيها عمل في غيره فلا يجوز له أن يعمل من الدنيا إلا