لِلْإنْسَانِ إلَّا مَا سَعَى} (?) ..
وهاتان الآيتان محكمتان عامتان غير مخصوصتين، ركن في الدين، واصل للعالمين وأم من أمهات الكتاب المبين، إليها ترد البنات وبها يستنار في المشكلات، وقد عارضت هذه الأحاديث ظاهرها وباطنها فكان جعل القرآن أمّاً والحديث بنتاً يتناول واجباً في النظر؛ فإذا ثبت هذا فقوله: "أرَأيتِ لَوْ كَانَ عَلَى اُمِّكِ ديْنَ أكُنْتِ تَقْضِيه" إشارة إلى ما تنبعث إليه نفوس الأبناء والأولياء إلى مراعاة الآباء والأقرباء في تحمّل ديونهم وحفظ أعراضهم ومطابقة أغراضهم، حتى أن أهل الجاهلية كانوا ينحرون على قبر الكريم بعد مماته إحياء لفعله في حياته (?)، فدين الله أحق أن يُقضى. فإن قيل: وكيف يقضى؟ قلنا: جبر الشيء قد يكون بصورته وقد يكون بنظيره شرعاً؛ فلن تمكَّن من صورته فَبِهَا وَنَعِمَتْ، وإن تعذر فالنظير الشرعي. وقد كان ما اختل من الصوم للحي يجبره بالقضاء وقد تعذر بالصدقة والكفارة، وقد أمكنت الصدقة للولي ولو تفطّن لهذه الأغراض الحسن وأحمد لما تاهوا (?) عن سبيل المسألة، ولتفطّنوا إلى ما تفطَّن له مالك (?)، رضي الله عنه، إذ قال: (لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يَصُومُ أحَدٌ عَنْ أحَدٍ) فإن قيل هذا رأيكم ولا يرد نص الحديث بالرأي قلنا: حدث حدثان امرأة فإن أبت فأربع (أو فأربعة) (?)، فإن أخذنا برواية مَنْ قال أربع سكتنا عنه، والسكوت جواب. وإن أخذنا برواية من قال أربعة (?)، وهو أشبه بالرفق قلنا: وكان هذا الذي تقدّم كلامنا، أو رأينا، إنما استقرينا أدلة الشريعة ودخلنا إليها من أبوابها إذ ليس لها