التقسيم ويستتب الكلام ويرتبط مع آخره بقوله: {يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} يعني أن ينتقلوا عن الأداء إذا تعذر إلى القضاء، ثم قال ولتكملوا العدة ولو صام مرتين لزاد عليها. وأما قوله (أولئك العصاة وليس من البر) فيعارضه حديث أنس رضي الله عنه: (سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِر وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصائِمُ) (?) ..
وروى حمزة بِن عمرو الأسلمي (?) أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال له في الصوم في السفر (إنْ شِئْتَ فَصُمْ وإنْ شِئْت فَافْطِرْ) (?). فإن قيل فإذ تعارضت الأحاديث ما الحكم فيها؟ قلنا: لو علم التاريخ لحكمنا بالآخر منها على الأول، فإذا جهلت التواريخ فاختلف الناس على ثلاثة أقوال فمنهم من قال يؤخذ بالأشد منها لأنه الأحوط والدين يحتاط له ..
ومنهم من قال يؤخذ بالأخف لأن الله تعالى قد رفع الحرج وبعث النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بالحنيفية السمحة.
ومنهم من قال يسقط ويطلب دليل آخر فإن أمكن الترجيح فيجب العمل به (?). وههنا تترجح أحاديث الجواز على أحاديث المنع؛ لأن هذا الذي قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إنما كان في سفرة واحدة، وهذا الذي قال لأنس ابن مالك الأنصاري، رضي الله عنه، ولحمزة بن عمرو الأسلمي ولأنس ابن مالك الكعيي (?). وقد قال له إذن فكل. قال له أنس إني صائم